للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمشاطهم من الذّهب والفضّة، ومجامرهم الألوّة «١» ، ورشحهم المسك، ولكلّ واحد منهم زوجتان، يرى مخّ سوقهما من وراء اللّحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد، يسبّحون الله بكرة وعشيّا» ) * «٢» .

٩-* (عن مصعب بن سعد بن أبي وقّاص قال: كنّا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أيعجز أحدكم أن يكسب كلّ يوم ألف حسنة؟» فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال:

«يسبّح مائة تسبيحة، فيكتب له ألف حسنة، أو يحطّ عنه ألف خطيئة» ) *» .

١٠-* (عن معاوية بن الحكم السّلميّ، قال: بينا أنا أصلّي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم «٤» ، فقلت: واثكل أمّياه «٥» ما شأنكم «٦» ؟

تنظرون إليّ، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلمّا رأيتهم «٧» يصمتونني «٨» لكنّي سكتّ، فلمّا صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فبأبي هو وأمّي، ما رأيت معلّما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فو الله ما كهرني «٩» ولا ضربني ولا شتمني، قال: «إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيء من كلام النّاس، إنّما هو التّسبيح والتّكبير وقراءة القرآن» .

أو كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قلت: يا رسول الله، إنّي حديث عهد بجاهليّة «١٠» ، وقد جاء الله بالإسلام، وإنّ منّا رجالا يأتون الكهّان. قال: «فلا تأتهم» ، قال: ومنّا رجال يتطيّرون. قال: «ذاك شيء يجدونه في صدورهم «١١» ، فلا يصدّنّهم» - قال ابن الصّبّاح: فلا يصدّنّكم- قال: قلت: ومنّا رجال يخطّون. قال: «كان نبيّ من الأنبياء يخطّ «١٢» فمن وافق خطّه فذاك» .

قال: وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانيّة «١٣» فاطّلعت ذات يوم فإذا الذّيب قد ذهب


(١) الألوّة: العود الذي يتبخّر به. والجمر: النار، والمجمرة: التى يوضع فيها الجمر مع الدّخنة.
(٢) البخاري- الفتح ٦ (٣٢٤٥) ، ومسلم (٢٨٣٤) .
(٣) مسلم (٢٦٩٨) .
(٤) فرماني القوم بأبصارهم: أي نظروا إليّ حديدا كما يرمى بالسهم، زجرا بالبصر من غير كلام.
(٥) واثكل أمياه: بضم الثاء وإسكان الكاف، وبفتحهما جميعا، لغتان كالبخل والبخل، حكاهما الجوهري وغيره، وهو فقدان المرأة ولدها، وامرأة ثكلى وثاكل، وثكلته أمه، وأثكل الله تعالى أمّه، أي فقد أمي إياي فإني هلكت ف (وا) كلمة تختص في النداء بالندبة، وثكل أمياه مندوب. ولكونه مضافا منصوبا، وهو مضاف إلى أم إظهارا لشدة الحزن، والهاء التي بعدها هي هاء السكت ولا تكون إلا في الاخر.
(٦) ما شأنكم: أي ما حالكم وأمركم.
(٧) رأيتهم: أي علمتهم.
(٨) يصمتونني: أي يسكتونني، غضبت وتغيرت.
(٩) كهرني قالوا: القهر والكهر والنهر، متقاربة، أي ما قهرني ولا نهرني.
(١٠) بجاهلية: قال العلماء: الجاهلية ما قبل ورود الشرع، سموا جاهلية لكثرة جهالاتهم وفحشهم.
(١١) ذاك شيء يجدونه في صدورهم: قال العلماء: معناه أن الطيرة شيء تجدونه في نفوسكم ضرورة، ولا عتب عليكم في ذلك، لكن لا تمتنعوا بسببه من التصرف في أموركم.
(١٢) يخط: إشارة إلى الخط في الرمل. وانظر (ص ٧٣٠) حاشية رقم (١) .
(١٣) قبل أحد والجوانية: الجوانية بقرب أحد، موضع في شمال المدينة.