للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يليق، وتجنب ما لا يليق، ومتمشية مع مكارم الأخلاق، ومحاسن العادات، ومن هذا المجال أحكام النجاسات، والطهارات، وستر العورة وما أشبه ذلك، وآداب الأكل وآداب الشرب وغير ذلك مما يندرج تحت ما يسمى بالآداب الشرعية «١» .

والهدف من ذلك كله أن يعرف الإنسان الغاية من خلقه وهى معرفة الله عز وجل، ولزوم موقف العبودية له، حيث ينال بذلك الخلود في جناته وظل مرضاته وهذه هي رابطة الحياة الآخرة بالدنيا» «٢» .

والأدلة على ذلك كثيرة وافرة من القرآن الكريم والسنة، ومن ذلك قوله تعالى:

وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ «٣» .

وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا «٤» .

أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ «٥» .

إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً «٦» .

مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ «٧» .

ويسوق الراغب تعليلا جيدا حيث يقول: «ما أحد إلا وهو فازع إلى السعادة يطلبها بجهد، ولكن كثيرا ما يخطئ فيظن ما ليس بسعادة في ذاته أنه سعادة فيغتر بها، والنعم الدنيوية تكون نعما وسعادة متى تناولها الإنسان على ما يجب وكما يجب، ويجري بها على الوجه الذي لأجله خلق، وذلك أن الله جعل الدنيا عاريّة ليتناول منه قدر ما يتوصل به إلى النعم الدائمة والسعادة الحقيقية، وشرع لنا في كل منها حكما بين فيه كيف يجب أن يتناول ويتصرف عنها، لكن صار الناس في تناولها فريقين: فريق يتناولونه على الوجه الذي جعله الله لهم فانتفعوا به، فصار ذلك لهم نعمة وسعادة وهم الموصوفون بقوله تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ «٨» ، وقوله عز وجل: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ «٩» ، وقوله تعالى: وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ


(١) راجع: محمد سعيد رمضان، مرجع سابق، ص ١١٩- ١٢٠ ويوسف حامد العالم، المقاصد العامة، مرجع سابق، ص ٨٠- ٨٢.
(٢) محمد سعيد رمضان، مرجع سابق، ص ١٢١.
(٣) الذاريات: ٥٦.
(٤) القصص: ٧٧.
(٥) المؤمنون: ١١٥.
(٦) مريم: ٩٣.
(٧) الشورى: ٢٠.
(٨) الحج: ٤١.
(٩) النحل: ٣٠.