للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا خاتما من حديد، ولكن هذا إزاري. قال سهل ماله رداء فلها نصفه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما تصنع بإزارك؟

إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك شيء» ، فجلس الرّجل حتّى طال مجلسه، ثمّ قام، فرآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مولّيا، فأمر به فدعي. فلمّا جاء قال: «ماذا معك من القرآن؟» قال: معي سورة كذا وسورة كذا عدّها. قال: «أتقرؤهنّ عن ظهر قلبك؟» قال: نعم.

قال: «اذهب، فقد ملّكتكها بما معك من القرآن» ) * «١» .

١١-* (عن يحيى؛ قال: انطلقت أنا وعبد الله ابن يزيد حتّى نأتي أبا سلمة. فأرسلنا إليه رسولا. فخرج علينا. وإذا عند باب داره مسجد.

قال: فكنّا في المسجد حتّى خرج إلينا. فقال: إن تشاءوا أن تدخلوا، وإن تشاءوا أن تقعدوا ههنا. قال فقلنا: لا. بل نقعد ههنا. فحدّثنا. قال: حدّثني عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال: كنت أصوم الدّهر وأقرأ القرآن كلّ ليلة. قال: فإمّا ذكرت للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وإمّا أرسل إليّ فأتيته. فقال لي: «ألم أخبر أنّك تصوم الدّهر وتقرأ القرآن كلّ ليلة؟» فقلت:

بلى. يا نبيّ الله ولم أرد بذلك إلّا الخير. قال: «فإنّ بحسبك أن تصوم «٢» من كلّ شهر ثلاثة أيّام» قلت: يا نبيّ الله إنّي أطيق أفضل من ذلك. قال:

«فإنّ لزوجك عليك حقّا. ولزورك «٣» عليك حقّا.

ولجسدك عليك حقّا» قال: «فصم صوم داود نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم فإنّه كان أعبد النّاس» . قال قلت: يا نبيّ الله وما صوم داود؟ قال: «كان يصوم يوما ويفطر يوما» قال: «واقرإ القرآن في كلّ شهر «٤» » قال قلت: يا نبيّ الله إنّي أطيق أفضل من ذلك. قال: «فاقرأه في كلّ عشرين» قال: قلت: يا نبيّ الله إنّي أطيق أفضل من ذلك. قال: «فاقرأه في كلّ عشر» : قال: قلت: يا نبيّ الله إنّي أطيق أفضل من ذلك. قال: «فاقرأه في كلّ سبع، ولا تزد على ذلك. فإنّ لزوجك عليك حقّا ولزورك عليك حقّا ولجسدك عليك حقّا» قال:

فشدّدت. فشدّد عليّ. قال: وقال لي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنّك لا تدري لعلّك يطول بك عمر» . قال: فصرت إلى الّذي قال لي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فلمّا كبرت وددت أنّي كنت قبلت رخصة نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم» ) * «٥» .

١٢-* (عن النّعمان بن بشير- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الله كتب كتابا قبل أن يخلق السّماوات والأرض بألفي عام، وأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها الشّيطان» ) * «٦» .


(١) البخاري- الفتح ٨ (٥٠٣٠) . ومسلم (١٤٢٥) .
(٢) فإن بحسبك أن تصوم: الباء فيه زائدة. ومعناه أن صوم الثلاثة الأيام من كل شهر كافيك.
(٣) ولزورك: قال في النهاية: هو في الأصل مصدر وضع موضع الاسم. كصوم ونوم بمعنى صائم ونائم. وقد يكون الزور جمعا لزائر، كركب في جمع راكب. أي لضيفك ولأصحابك الزائرين حق عليك. وأنت تعجز، بسبب توالي الصيام والقيام، عن القيام بحسن معاشرتهم.
(٤) واقرأ القرآن في كل شهر: أي اختمه.
(٥) البخاري- الفتح ٤ (١٩٧٨) . ومسلم (١١٥٩) واللفظ له.
(٦) الترمذي (٢٨٨٢) واللفظ له وقال: حسن غريب. والدارمي (٣٣٩٠) . والحاكم في المستدرك (٢/ ٢٦٠)