للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو تخيره بين فعل والكف عنه» «١» . أو هو: «خطاب الله، المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخير أو الوضع» «٢» .

وينقسم الحكم الشرعي التكليفي خمسة أقسام: الإيجاب، والندب، والتحريم، والكراهة، والإباحة، وهذه الأقسام تجعل الفعل الصادر من المكلف ذا قيمة أو غير ذي قيمة، وتفصيل ذلك فيما يلى:

* الإيجاب: هو «ما اقتضاه خطاب الله من المكلف اقتضاء جازما، لا يجوز تركه» كالأمر بالصلاة والزكاة والحج، والذي يتعلق بالإيجاب من فعل المكلف: الواجب وهو: «الفعل الذي يذم شرعا تاركه قصدا، أو هو الذي يثاب فاعله ويعاقب تاركه قصدا» «٣» .

- والندب: هو «ما اقتضاه خطاب الله من المكلف اقتضاء غير جازم بأن يجوز تركه» وذلك كالأمر بصلاة الليل والضحى، وصدقة التطوع وإفشاء السلام وغير ذلك، ويتعلق بفعل المكلف ويسمى (مندوبا) وهو الفعل الذي يحمد فاعله ولا يذم تاركه، أو هو الذي يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، وقد قسمه العلماء أقساما كثيرة «٤» .

- والتحريم: هى «ما اقتضى خطاب الله تعالى من المكلف تركه اقتضاء جازما، بأن منع من فعله ولم يجوزه» كالنهي عن الزنا، وأكل مال اليتيم، والغيبة والنميمة.. ويتعلق بفعل المكلف، ويوصف (بالحرام) وهو الفعل الذي يذم شرعا فاعله قصدا، أو هو الذي يعاقب فاعله ويثاب تاركه «٥» .

والكراهة هي: ما طلب الشارع الكف عنه طلبا غير ملزم بأن كان منهيا عنه واقترن لفظ النهي بما يدل على أنه لم يقصد به التحريم «٦» .

- والإباحة: هى «ما كان الخطاب فيها غير مقتض شيئا من الفعل والترك، بل خيّر المكلف بينهما» ويتعلق بفعل المكلف ويوصف (بالمباح) وهو الفعل الذي لا يتعلق بفعله مدح ولا ذم، أو هو الفعل «الذي لا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه «٧» .

وهكذا يتضح أن أفعال المكلف تتعلق ببواعث ومثيرات ومعايير معينة، تشكل اتجاهه نحو الأشياء والأفكار والأفعال، والناس مما يجعل هذا الفعل أو هذا السلوك ذا قيمة أو غير ذي قيمة فإذا ما انطبعت نفس الإنسان على الفعل والترك كان ذلك خلقا له.

وخلاصة الأمر أن الإسلام أتى بتلك الأحكام كمعايير لسلوك المسلم، لينظم لهم حياتهم ويصنع بهم العمارة الكبرى في الحياة، ولم يتركهم هملا ولم يكلفهم من أمرهم عسرا، وإنما أخذهم بخطة رشيدة تجعلهم يقومون


(١) عبد الوهاب خلاف: أصول الفقه، ط ٨، مكتبة الدعوة الإسلامية (بدون تاريخ) ، ص ١٠١.
(٢) محمد حسن هيتو: الوجيز في أصول التشريع، ط ١، بيروت، مؤسسة الرسالة، ١٤٠٣ هـ/ ١٩٨٣ م، ص ٩٩.
(٣) المرجع السابق، ص ٤٣، ٤٤.
(٤) المرجع السابق ص ٤٣. ٤٤، وراجع: عبد الوهاب خلاف، مرجع سابق، ص ١١٢.
(٥) المرجع السابق ص ٤٣، ٤٤.
(٦) أصول الفقه لمحمد أبو زهرة ص ٤٢.
(٧) الوجيز في أصول التشريع ص ٤٣، ٤٤.