للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإلى هذا كله تشير الآيات الكريمة: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ «١» .

يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً «٢» .

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا «٣» .

تؤكد الآيات ومعها الأحاديث النبوية مسئولية الإنسان الفرد في بناء المجتمع المسلم، وتؤكد أن الفرد عضو في كيان أكبر، هو المجتمع الإسلامي الذي يقوم على الإيمان والعدل والمساواة والأخوة والتحرك الواعي تجاه أهداف الجماعة الإسلامية.

هذه المعطيات الأساسية تعتبر المبادىء التي تم بناء الفرد المسلم عليها، وهى المنطلقات الأساسية للتكليف السليم، وهي أساس التربية الخلقية السليمة باعتبار أن الأخلاق الإسلامية تحتل المكان البارز في حياة المسلمين ولأن قواعد الأخلاق الإسلامية تتميز عن غيرها لاقترانها دائما بأمر التكليف حيث نرى اقتران أمر التكليف في كثير من آيات القرآن الكريم بالأمر بالفضائل الخلقية، كالبر والتعاون والمودة والأمانة وأمثالها «٤» .

وهذا ما نلاحظه في كثير من آيات القرآن الكريم والسنة المطهرة حيث يربط بين الاثنين في أمر واحد يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «٥» .

يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ* وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ «٦» .

هذا ما يتعلق بطبيعة الإنسان كمكلف إلا أن هناك شقا آخر في فهم التكليف يعد ضروريا ومهما، وهو (الأحكام التكليفية) وقد حدد الفقهاء هذه الأحكام في أنها: «ما اقتضى طلب الفعل من المكلف، أو كفه عن فعل،


(١) الحجرات: ١٣.
(٢) النساء: ١.
(٣) الأنفال: ٧٢.
(٤) أبو الوفا مصطفى المراغي: السلوك الخلقي الاجتماعي في الإسلام، العدد ٦٩، سلسلة دراسات في الإسلام، القاهرة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ص ١٤.
(٥) الحج: ٧٧.
(٦) لقمان: ١٧- ١٩.