للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طهّرني. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه» قال: فرجع غير بعيد. ثمّ جاء فقال:

يا رسول الله طهّرني. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مثل ذلك. حتّى إذا كانت الرّابعة قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فيم أطهّرك؟» فقال: من الزّنى. فسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أبه جنون؟» فأخبر أنّه ليس بمجنون. فقال: «أشرب خمرا؟» فقام رجل فاستنكهه «١» فلم يجد منه ريح خمر. قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أزنيت؟» فقال: نعم. فأمر به فرجم.

فكان النّاس فيه فرقتين. قائل يقول: لقد هلك. لقد أحاطت به خطيئته. وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز. أنّه جاء إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فوضع يده في يده.

ثمّ قال اقتلني بالحجارة. قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة. ثمّ جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهم جلوس فسلّم ثمّ جلس. فقال: «استغفروا لما عز ابن مالك» . قال:

فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«لقد تاب توبة لو قسمت بين أمّة لوسعتهم» . قال ثمّ جاءته امرأة من غامد «٢» من الأزد. فقالت: يا رسول الله طهّرني. فقال: «ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه» فقالت: أراك تريد أن تردّدني كما ردّدت ما عز بن مالك. قال: «وما ذاك؟» قالت: إنّها حبلى من الزّنى، فقال: «أنت؟» قالت: نعم. فقال لها: «حتّى تضعي ما في بطنك» قال: فكفلها رجل من الأنصار حتّى وضعت. قال: فأتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: قد وضعت الغامديّة. فقال: «إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه» فقام رجل من الأنصار فقال:

إليّ رضاعه يا نبيّ الله، قال: فرجمها) * «٣» .

١٢-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «صلاة الرّجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته، وصلاته في سوقه، بضعا وعشرين درجة. وذلك أنّ أحدهم إذا توّضأ فأحسن الوضوء، ثمّ أتى المسجد. لا ينهزه إلّا الصّلاة «٤» . لا يريد إلّا الصّلاة. فلم يخط خطوة إلّا رفع له بها درجة. وحطّ عنه بها خطيئة. حتّى يدخل المسجد. فإذا دخل المسجد كان في الصّلاة ما كانت الصّلاة هي تحبسه.

والملائكة يصلّون على أحدكم ما دام في مجلسه الّذي صلّى فيه. يقولون: «اللهمّ ارحمه. اللهمّ اغفر له.

اللهمّ تب عليه. ما لم يؤذ فيه. مالم يحدث فيه» ) * «٥»

١٣-* (عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو على المنبر صلّى الله عليه وسلّم فلمّا بلغ السّجدة نزل فسجد وسجد النّاس معه، فلمّا كان يوم آخر قرأها فلمّا بلغ السّجدة تشزّن «٦» النّاس للسّجود فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنّما هي توبة نبيّ، ولكنّي رأيتكم تشزّنتم للسّجود فنزل فسجد


(١) فاستنكهه: شم رائحته.
(٢) غامد: بطن من قبيلة جهينة.
(٣) مسلم ٣ (١٦٩٥) . بعضه عند البخاري.
(٤) لا ينهزه إلا الصلاة: لا تنهضه ولا تقيمه إلا الصلاة.
(٥) البخاري- الفتح ١ (٤٤٥) . ومسلم (٦٤٩) باب (٤٩) ص (٤٥٩) واللفظ له.
(٦) تشزن الناس: استعدوا للسجود.