للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجعلت في قدر، فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثمّ ركب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأفاض إلى البيت «١» ، فصلّى بمكّة الظّهر فأتى بني عبد المطّلب يسقون على زمزم، فقال: «انزعوا «٢» بني عبد المطّلب فلولا أن يغلبكم النّاس «٣» على سقايتكم لنزعت معكم» ، فناولوه دلوا فشرب منه) * «٤» .

٢٢-* (عن جعفر قال: حدّثني أبي قال: أتينا جابر بن عبد الله وهو في بني سلمة فسألناه عن حجّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فحدّثنا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكث بالمدينة تسع سنين لم يحجّ. ثمّ أذّن في النّاس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حاجّ هذا العام، قال: فنزل المدينة بشر كثير، كلّهم يلتمس أن يأتمّ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يفعل مثل ما يفعل.

فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعشر بقين من ذي القعدة، وخرجنا معه، حتّى أتى ذا الحليفة نفست أسماء بنت عميس بمحمّد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كيف أصنع؟ قال: «اغتسلي، ثمّ استثفري بثوب، ثمّ أهلّي» . فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى إذا استوت به ناقته على البيداء أهلّ بالتّوحيد، لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك. ولبّى النّاس، والنّاس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام، والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يسمع فلم يقل لهم شيئا، فنظرت مدّ بصري وبين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من راكب وماش، ومن خلفه مثل ذلك، وعن يمينه مثل ذلك، وعن شماله مثل ذلك، قال جابر: ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به، فخرجنا لا ننوي إلّا الحجّ حتّى أتينا الكعبة، فاستلم نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم الحجر الأسود،

ثمّ رمل ثلاثا، ومشى أربعة، حتّى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم فصلّى خلفه ركعتين، ثمّ قرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى قال أبو عبد الله- يعني جعفرا- فقرأ فيهما بالتّوحيد، وقل يأيّها الكافرون، ثمّ استلم الحجر، وخرج إلى الصّفا، ثمّ قرأ إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ، ثمّ قال: «نبدأ بما بدأ الله به» ، فرقي على الصّفا حتّى إذا نظر إلى البيت كبّر قال: «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير، لا إله إلّا الله، أنجز وعده، وصدق عبده، وغلب الأحزاب وحده. ثمّ دعا، ثمّ رجع إلى هذا الكلام، ثمّ نزل حتّى إذا انصبّت قدماه في الوادي رمل، حتّى إذا صعد مشى، حتّى أتى المروة فرقي عليها حتّى نظر إلى البيت فقال عليها كما قال على الصّفا، فلمّا كان السّابع عند المروة قال: يأيّها النّاس، إنّي لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، ولجعلتها عمرة، فمن لم يكن معه هدي


(١) فأفاض إلى البيت: فيه محذوف تقديره (فأفاض فطاف بالبيت طواف الإفاضة ثم صلّى الظهر) فحذف ذكر الطواف لدلالة الكلام عليه.
(٢) انزعوا: معناه استقوا بالدلاء وانزعوها بالرشاء.
(٣) لولا أن يغلبكم الناس، أي لولا خوفي أن يعتقد الناس ذلك من مناسك الحج، ويزدحمون عليه، بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الاستقاء لاستقيت معكم، لكثرة فضيلة هذا الاستقاء.
(٤) مسلم (١٢١٨) .