للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نظر قبل شماله بكى. قال فقال: مرحبا بالنّبيّ الصّالح والابن الصّالح. قال قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا آدم صلّى الله عليه وسلّم. وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه «١» . فأهل اليمين أهل الجنّة.

والأسودة الّتي عن شماله أهل النّار. فإذا نظر قبل يمينه ضحك. وإذا نظر قبل شماله بكى قال ثمّ عرج بي جبريل حتّى أتى السّماء الثّانية. فقال لخازنها: افتح. قال فقال له خازنها مثل ما قال خازن السّماء الدّنيا. ففتح.

فقال أنس بن مالك: فذكر أنّه وجد في السّماوات آدم وإدريس وعيسى وموسى وإبراهيم صلوات الله عليهم أجمعين. ولم يثبت كيف منازلهم.

غير أنّه ذكر أنّه قد وجد آدم عليه السّلام في السّماء الدّنيا، وإبراهيم في السّماء السادسة. قال فلمّا مرّ جبريل ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم بإدريس صلوات الله عليه قال: مرحبا بالنّبيّ الصّالح والأخ الصّالح. قال ثمّ مرّ فقلت: من هذا؟ فقال: هذا إدريس. قال ثمّ مررت بموسى عليه السّلام. فقال: مرحبا بالنّبيّ الصّالح والأخ الصّالح. قال قلت: من هذا؟ قال: هذا موسى. قال ثمّ مررت بعيسى. فقال: مرحبا بالنّبيّ الصّالح والأخ الصّالح. قلت: من هذا؟ قال: هذا عيسى ابن مريم. قال: ثمّ مررت بإبراهيم عليه السّلام. فقال: مرحبا بالنّبيّ الصّالح والابن الصّالح.

قال قلت: من هذا؟ قال: هذا إبراهيم.

قال ابن شهاب: وأخبرني ابن حزم أنّ ابن عبّاس وأبا حبّة الأنصاريّ كانا يقولان: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ثمّ عرج بي حتّى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام» ) * «٢» .

قال ابن حزم وأنس بن مالك: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ففرض الله على أمّتي خمسين صلاة. قال فرجعت بذلك حتّى أمرّ بموسى» فقال موسى عليه السّلام: ماذا فرض ربّك على أمّتك؟ قال قلت:

«فرض عليهم خمسين صلاة» . قال لي موسى عليه السّلام: فراجع ربّك. فإنّ أمّتك لا تطيق ذلك. قال:

«فراجعت ربّي فوضع شطرها» . قال: «فرجعت إلى موسى عليه السّلام فأخبرته» . قال: راجع ربّك؛ فإنّ أمّتك لا تطيق ذلك. قال: «فراجعت ربّي» . فقال: هي خمس وهي خمسون. لا يبدّل القول لديّ. قال:

«فرجعت إلى موسى» . فقال: راجع ربّك. فقلت: «قد استحييت من ربّي» . قال: «ثمّ انطلق بي جبريل حتّى نأتي سدرة المنتهى. فغشيها ألوان لا أدري ما هي» .

قال: «ثمّ أدخلت الجنّة فإذا فيها جنابذ «٣» اللّؤلؤ، وإذا ترابها المسك» ) * «٤» .

٢٢-* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- أنّه قال: كنّا إذا صلّينا خلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه فسمعته


(١) نسم بنيه: الواحدة نسمة. قال الخطابي وغيره: هي نفس الإنسان. والمراد أرواح بني آدم.
(٢) صريف الأقلام: تصويتها حال الكتابة. قال الخطابي: هو صوت ما تكتبه الملائكة من أقضية الله تعالى ووحيه وما ينسخونه من اللوح المحفوظ.
(٣) جنابذ: هي القباب. واحدتها جنبذة.
(٤) البخاري- الفتح ١ (٣٤٩) . ومسلم (١٦٣) واللفظ له.