للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(السوسيومترية) ، وهي مقاييس تقيس مدى تحقق العلاقات والصفات الاجتماعية، وما يتفق عليه المجتمع من خلال ممارسة التفاعلات الاجتماعية على أن ما يتصل بالأخلاق يكون أخلاقيا، وهذا ما جعل علماء الاجتماع يقولون أن الأخلاقيات تختلف من مجتمع لآخر، وأنها نسبية طبقا لدرجة التفاعل الحادث في المجتمع واتفاقه عليها «١» .

على أن لكل فرد في الجماعة «دورا» يرمز إلى مكانته فيها، وترفض الجماعة أخلاقا معينة على مختلف الأدوار الاجتماعية، فالأخلاق المتوقعة من «الأب» غير الأخلاق المتوقعة من «الابن» أو «الابنة» ، والأخلاق المتوقعة من «القائد» غيرها عند «الجندي» وهكذا، والتزام هذه الأخلاق يطلق عليه مصطلح «الضمير» وأصلها أن الأفراد «يضمرون أو يبطنون» معيارا أخلاقيا واحدا يتوقع منهم أن يسلكوا سلوكا متشابها وأن يصبح كل فرد شاهدا على الآخر، وأن يحسب حساب الآخرين فيخجل منهم عند سوء الخلق، ويسر عند حسنه «٢» .

أما من يرد تفسير السلوك الأخلاقي إلى مدى التفهم العقلي لدى الإنسان، وأصحابه يطلق عليهم «أصحاب نظرية النمو العقلي في السلوك الأخلاقي» فيتخذون موقفا يؤكد على أهمية

المعرفة والفكر في تكوين المواقف والسلوك الخلقي وقد تبلورت هذه النظرية على يد المربي السويسري المعروف «بياجيه» الذي يرى أن الفرد لا يستجيب سلبيا لما يراه حوله أو ما يفرضه عليه الآخرون، وإنما هو كائن نشط يتفكر فيما يستقبله ويستنتج منه مبادىء عامة يسترشد بها في سلوكه وأحكامه، بمعنى أن السلوك الأخلاقي هو تفاعل الفرد مع بيئته أو هو عمل الفرد في البيئة وعمل البيئة في الفرد.

ويميز بياجيه بين مستويين من السلوك الأخلاقي: المستوى الأول: هو المجرد أو التركيب العميق المحتوى على الأسس النظرية، ويتميز باعتبارات الواجب والانصياع للسلطة الخارجية، فالطفل يتقبل من الراشد من الأوامر يجب الانصياع لها مهما كانت الظروف، والصواب عنده ما يتفق مع هذه الأوامر، والخطأ هو ما يتعارض معها، وهذا هو ما أسماه بالتحكم أو القسر وهنا تقوم الأخلاقيات على واقعية الاحترام من جانب الطفل، وبهذا الاعتبار يتم تطبيعه اجتماعيا وأخلاقيا إلا أن الطفل حين ينمو متفاعلا مع بيئته ومجتمعه يتفاعل مع أقرانه على أساس التبادل والعطاء، ومن ثم يأتي التعاون أساسا لتنمية السلوك الأخلاقي، وتظهر أهمية الاحترام المتبادل.

ولعله من المهم أن ندرك أن الأخلاقيات عند بياجيه أساسها الاتزان القائم على العدل، وليست حسب الإنسان أو الإحساس البديهي بالواجب، وقدسية الخير، وإنما الارتكاز إلى الأخذ والعطاء «٣» .


(١) إبراهيم عصمت مطاوع، أصول التربية، ط ٢، دار المعارف، ص ١٣١، ١٣٢.
(٢) ماجد عرسان الكيلاني، اتجاهات معاصرة في التربية الأخلاقية، مرجع سابق، ص ٢١.
(٣) محمد رفقي، مرجع سابق، ص ٤٨، ٤٩.