للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد نهكتهم الحرب وأضرّت بهم، فإن شاءوا ماددتهم مدّة ويخلّوا بيني وبين النّاس، فإن أظهر فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه النّاس فعلوا، وإلّا فقد جمّوا «١» .

وإن هم أبوا فو الّذي نفسي بيده لأقاتلنّهم على أمري هذا حتّى تنفرد سالفتي، ولينفذنّ الله أمره» . فقال بديل: سأبلّغهم ما تقول ... الحديث) * «٢» .

١٨-* (عن عبد الرّحمن بن عبد ربّ الكعبة قال: دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظلّ الكعبة. والنّاس مجتمعون عليه.

فأتيتهم. فجلست إليه. فقال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر. فنزلنا منزلا، فمنّا من يصلح خباءه، ومنّا من ينتضل «٣» ، ومنّا من هو في جشره «٤» . إذ نادى منادي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الصّلاة جامعة. فاجتمعنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إنّه لم يكن نبيّ قبلي إلّا كان حقّا عليه أن يدلّ أمّته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم. وإنّ أمّتكم هذه جعل عافيتها في أوّلها.

وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها. وتجيء فتنة فيرقّق بعضها بعضا «٥» . وتجيء الفتنة فيقول المؤمن:

هذه مهلكتي. ثمّ تنكشف. وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه. فمن أحبّ أن يزحزح عن النّار ويدخل الجنّة، فلتأته منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر. وليأت إلى النّاس الّذي يحبّ أن يؤتى إليه.

ومن بايع إماما، فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع. فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» . فدنوت منه فقلت له: أنشدك الله آنت سمعت هذا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه. وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي. فقلت له: هذا ابن عمّك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل. ونقتل أنفسنا. والله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٤/ النساء/ ٢٩) . قال: فسكت ساعة ثمّ قال: أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله) * «٦» .

١٩-* (عن النّعمان بن بشير- رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما مشبّهات لا يعلمها كثير من النّاس. فمن اتّقى المشبّهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشّبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه. ألا وإنّ لكلّ ملك حمى، ألا إنّ حمى الله في أرضه محارمه. ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا


(١) جمّوا: أي استراحوا.
(٢) البخاري- الفتح ٥ (٢٧٣١، ٢٧٣٢) وهذا لفظه. ومسلم (١٧٨٣، ١٧٨٤، ١٧٨٥) مقطعا.
(٣) ومنا من ينتضل: هو من المناضلة، وهي المراماة بالنشاب.
(٤) في جشره: هي الدواب التي ترعى وتبيت مكانها.
(٥) فيرقق بعضها بعضا: أي يصير بعضها رقيقا أي خفيفا لعظم ما بعده، وقيل معناه يشبه بعضه بعضا.
(٦) مسلم (١٨٤٤) .