للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليك؟ قال: عهد إليّ أنّه يكفي أحدكم مثل زاد الرّاكب. ولا أراني إلّا قد تعدّيت. وأمّا أنت يا سعد، فاتّق الله عند حكمك إذا حكمت، وعند قسمك إذا قسمت، وعند همّك إذا هممت) * «١» .

١٠-* (عن عبيد الله بن أبي رافع، مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّ الحروريّة لمّا خرجت، وهو مع عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- قالوا: لا حكم إلّا لله.

قال عليّ: كلمة حقّ أريد بها باطل، إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصف ناسا إنّي لأعرف صفتهم في هؤلاء، يقولون الحقّ بألسنتهم لا يجوز هذا منهم (وأشار إلى حلقه) من أبغض خلق الله إليه، منهم أسود إحدى يديه طبي شاة «٢» أو حلمة ثدي» . فلمّا قتلهم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه- قال: انظروا. فنظروا فلم يجدوا شيئا فقال: ارجعوا فو الله ما كذبت ولا كذبت مرّتين أو ثلاثا. ثمّ وجدوه في خربة فأتوا به حتّى وضعوه بين يديه. قال عبيد الله. وأنا حاضر ذلك من أمرهم، وقول عليّ فيهم) * «٣» .

١١-* (عن سعيد بن المسيّب- رحمه الله- «أنّ مسلما ويهوديّا اختصما إلى عمر، فرأى الحقّ لليهوديّ فقضى له عمر به، فقال له اليهوديّ: لقد قضيت بالحقّ، فضربه عمر بالدّرّة، فقال: وما يدريك؟ فقال اليهوديّ: والله إنّا نجد في التّوراة أنّه ليس من قاض يقضي بالحقّ إلّا كان عن يمينه ملك وعن شماله ملك يسدّدانه، ويوفّقانه للحقّ، مادام مع الحقّ، فإذا ترك الحقّ عرجا وتركاه» ) * «٤» .

١٢-* (عن يحيى بن سعيد أنّ أبا الدّرداء كتب إلى سلمان الفارسيّ- رضي الله عنهما-: أن هلمّ إلى الأرض المقدّسة، فكتب إليه سلمان: إنّ الأرض لا تقدّس أحدا. وإنّما يقدّس الإنسان عمله، وقد بلغني أنّك جعلت طبيبا تداوي. فإن كنت تبرأ فنعمّا لك، وإن كنت متطبّبا فاحذر أن تقتل إنسانا فتدخل النّار.

فكان أبو الدّرداء إذا قضى بين اثنين ثمّ أدبرا عنه نظر إليهما، فقال: متطبّب «٥» والله، ارجعا إليّ، أعيدا عليّ قصّتكما) * «٦» .

١٣-* (أخرج عبد بن حميد عمّ سعيد بن جبير في أهل الذّمّة يرتفعون إلى حكّام المسلمين قال: يحكم بينهم بما أنزل الله) * «٧» .

١٤-* (سئل سعيد بن جبير عن هذه الآيات في المائدة وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ* ... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ* ... فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ. فقلت:

زعم قوم أنّها نزلت في بني إسرائيل ولم تنزل علينا،


(١) ابن ماجه (٤١٠٤) كتاب الزهد.
(٢) طبي شاة: ضرع الشاة، وهو فيها مجاز وأصله للكلبة والسباع.
(٣) مسلم (١٥٧) كتاب الزكاة، باب (٤٨) .
(٤) الموطأ (٢/ ٥٥٣) .
(٥) المتطبب: كناية عن القضاء والحكم بين الخصوم لأن القاضي بمنزلة الطبيب لإصلاح البدن.
(٦) الموطأ (٢/ ٧٦٩) . قال الزرقاني في «شرح الموطأ» : لكن أخرجه الدينوري في «المجالسة» من وجه آخر عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن هبيرة.
(٧) الدر المنثور، للسيوطي (٣/ ٤٨) .