للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأرفع رأسي فأقول: أمّتي أمّتي، فيقول: اذهب إلى أمّتك فمن وجدت في قلبه مثقال حبّة من خردل من الإيمان فأدخله الجنّة فأذهب فمن وجدت في قلبه ذلك أدخلتهم الجنّة، وفرغ الله من حساب النّاس.

وأدخل من بقي من أمّتي النّار مع أهل النّار. فيقول أهل النّار: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون الله- عزّ وجلّ- لا تشركون به شيئا. فيقول الجبّار: فبعزّتي لأعتقنّهم من النّار. فيرسل إليهم فيخرجون قد امتحشوا «١» فيدخلون في نهر الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبّة في غثاء السّيل. ويكتب بين أعينهم هؤلاء عتقاء الله- عزّ وجلّ- فيذهب بهم فيدخلون الجنّة فيقول لهم أهل الجنّة: هؤلاء الجهنّميّون. فيقول الجبّار بل هؤلاء عتقاء الجبّار- عزّ وجلّ-» ) * «٢» .

٥-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله ملائكة يطوفون في الطّرق يلتمسون أهل الذّكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلمّوا إلى حاجتكم، قال: فيحفّونهم بأجنحتهم إلى السّماء الدّنيا، قال فيسألهم ربّهم- عزّ وجلّ- وهو أعلم منهم-: ما يقول عبادي؟. قال تقول: يسبّحونك ويكبّرونك ويحمدونك ويمجّدونك. قال فيقول: هل رأوني؟ قال فيقولون:

لا والله ما رأوك. قال فيقول: كيف لو رأوني؟. قال:

لو رأوك كانوا أشدّ لك عبادة، وأشدّ لك تمجيدا، وأكثر لك تسبيحا. قال يقول: فما يسألوني؟ قال:

يسألونك الجنّة. قال يقول: وهل رأوها؟ قال يقولون: لا والله يا ربّ ما رأوها. قال فيقول: فكيف لو أنّهم رأوها؟ قال يقولون: لو أنّهم رأوها كانوا أشدّ عليها حرصا، وأشدّ لها طلبا، وأعظم فيها رغبة. قال:

فممّ يتعوّذون؟ قال يقولون: من النّار. قال يقول:

وهل رأوها؟ قال فيقولون: لا والله يا ربّ ما رأوها.

قال يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشدّ منها فرارا وأشدّ لها مخافة، قال فيقول:

فأشهدكم أنّي قد غفرت لهم. قال يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنّما جاء لحاجة. قال:

هم الجلساء لا يشقى جليسهم» ) * «٣» .

٦-* (عن جابر- رضي الله عنه- قال:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ أهل الجنّة يأكلون فيها ويشربون، ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوّطون ولا يمتخطون. قالوا فما بال الطّعام؟ قال: جشاء «٤» ورشح كرشح المسك. يلهمون التّسبيح والتّحميد، كما يلهمون النّفس» ) * «٥» .

٧-* (عن سهل بن سعد- رضي الله عنه-


(١) امتحشوا: احترقوا أي احترقت جلودهم.
(٢) أحمد (٣/ ١٤٤) واللفظ له، وابن منده في الإيمان (٢/ ٨٤٧) حديث (٨٧٨) وقال: هذا حديث صحيح مشهور. وهو مخرج في الصحيحين. وانظر «الأحاديث الصحيحة» للألباني (٥٧١) و «إتحاف السادة المتقين» (١٠/ ٤٩١) و «كنز العمال» رقم (٣٩٠٨٩) .
(٣) البخاري- الفتح ١١ (٦٤٠٨) واللفظ له. ومسلم (٢٦٨٩) .
(٤) الجشاء: تنفس المعدة عند الامتلاء.
(٥) مسلم (٢٨٣٥) .