للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصّلاة فجاء المؤذّن إلى أبي بكر فقال: أتصلّي بالنّاس فأقيم؟ قال: نعم. فصلّى أبو بكر فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والنّاس في الصّلاة، فتخلّص حتّى وقف في الصّفّ، فصفّق النّاس- وكان أبو بكر لا يلتفت في الصّلاة- فلمّا أكثر النّاس التّصفيق التفت فرأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأشار إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر- رضي الله عنه- يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من ذلك ثمّ استأخر أبو بكر حتّى استوى في الصّفّ، وتقدّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فصلّى، فلمّا انصرف قال: يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلّي بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: مالي رأيتكم أكثرتم التّصفيق؟ من رابه شيء في صلاته فليسبّح فإنّه إذا سبّح التفت إليه، وإنّما التّصفيق للنّساء» ) * «١» .

٨-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: إنّ ضمادا (يعني ابن ثعلبة) قدم مكّة. وكان من أزد شنوءة، وكان يرقي من هذه الرّيح «٢» . فسمع سفهاء من أهل مكّة يقولون: إنّ محمّدا مجنون. فقال:

لو أنّي رأيت هذا الرّجل لعلّ الله يشفيه على يديّ.

قال: فلقيه. فقال: يا محمّد إنّي أرقي من هذه الرّيح.

وإنّ الله يشفي على يديّ من شاء. فهل لك؟ «٣» فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضلّ له. ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أنّ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له. وأنّ محمّدا عبده ورسوله. أمّا بعد» : قال: فقال: أعد عليّ كلماتك هؤلاء. فأعادهنّ عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاث مرّات قال: فقال: لقد سمعت قول الكهنة وقول السّحرة وقول الشّعراء. فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء. ولقد بلغن ناعوس البحر «٤» ، قال: فقال: هات يدك أبايعك على الإسلام. قال: فبايعه. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «وعلى قومك» . قال: وعلى قومي. قال: فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريّة فمرّوا بقومه. فقال صاحب السّريّة للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئا؟ فقال رجل من القوم: أصبت منهم مطهرة. فقال: ردّوها فإنّ هؤلاء قوم ضماد) * «٥» .

٩-* (عن عليّ- رضي الله عنه- قال: إنّ فاطمة اشتكت ما تلقى من الرّحى في يدها. وأتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سبي. فانطلقت فلم تجده. ولقيت عائشة.

فأخبرتها. فلمّا جاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها. فجاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على مكانكما فقعد بيننا حتّى وجدت برد قدمه على صدري، ثمّ قال: «ألا أعلّمكما خيرا ممّا سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما: أن تكبّرا الله أربعا وثلاثين وتسبّحاه ثلاثا


(١) البخاري- الفتح ٢ (٦٨٤) واللفظ له، ومسلم (٤٢١) .
(٢) يرقي من هذه الريح: يرقي من الرقية التي يرقى بها والمراد بالريح هنا: الجنون ومس الجن.
(٣) فهل لك: أي فهل لك رغبة في رقيتي وهل تميل لها؟
(٤) ناعوس البحر: قال ابن الأثير: قال أبو موسى: كذا وقع في صحيح مسلم، وفي سائر الروايات «قاموس البحر» وهو وسطه ولجته، ولعلّه لم يجوّد كتبته فصحّفه بعضهم.
(٥) مسلم (٨٦٨) .