للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النّاس لبعض: ائتوا آدم. فيأتون آدم. فيقولون: يا آدم، أنت أبو البشر. خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك. اشفع لنا إلى ربّك.

ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟

فيقول آدم: إنّ ربّي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله. ولن يغضب بعده مثله. وإنّه نهاني عن الشّجرة فعصيته. نفسي. نفسي. اذهبوا إلى غيري.

اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح، أنت أوّل الرّسل إلى الأرض. وسمّاك الله عبدا شكورا.

اشفع لنا إلى ربّك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إنّ ربّي قد غضب غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله. وإنّه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي. نفسي. نفسي.

اذهبوا إلى إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم. فيأتون إبراهيم فيقولون:

أنت نبيّ الله وخليله من أهل الأرض. اشفع لنا إلى ربّك. ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم إبراهيم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله.

وذكر كذباته. نفسي. نفسي. اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى صلّى الله عليه وسلّم فيقولون: يا موسى، أنت رسول الله. فضّلك الله برسالاته وبتكليمه، على النّاس. اشفع لنا إلى ربّك. ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم موسى صلّى الله عليه وسلّم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله. وإنّي قتلت نفسا لم أومر بقتلها. نفسي. نفسي. اذهبوا إلى عيسى صلّى الله عليه وسلّم.

فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله، وكلّمت النّاس في المهد. وكلمة منه ألقاها إلى مريم، وروح منه. فاشفع لنا إلى ربّك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم عيسى صلّى الله عليه وسلّم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله. ولم يذكر له ذنبا. نفسي. نفسي.

اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى محمّد صلّى الله عليه وسلّم. فيأتوني فيقولون: يا محمّد، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء.

وغفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر. اشفع لنا إلى ربّك ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربّي.

ثمّ يفتح الله عليّ ويلهمني من محامده وحسن الثّناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلي، ثمّ يقول: يا محمّد، ارفع رأسك، سل تعطه. اشفع تشفّع. فأرفع رأسي فأقول: يا ربّ، أمّتي. أمّتي. فيقال: يا محمّد أدخل الجنّة من أمّتك، من لا حساب عليه، من الباب الأيمن من أبواب الجنّة. وهم شركاء النّاس «١» فيما سوى ذلك من الأبواب. والّذي نفس محمّد بيده إنّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنّة «٢» لكما بين مكّة وهجر «٣» أو كما بين مكّة وبصرى «٤» » ) * «٥» .


(١) شركاء الناس: يعني أنهم لا يمنعون من سائر الأبواب.
(٢) إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة: المصراعان جانبا الباب.
(٣) هجر: هجر مدينة عظيمة هي قاعدة بلاد البحرين.
(٤) وبصرى: بصرى مدينة معروفة بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل.
(٥) البخاري- الفتح ٨ (٤٧١٢) . ومسلم (١٩٤) واللفظ له.