للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما أن هذه الوسائل في عملية التطبيع الاجتماعي، عن طريق نقلها لأنماط السلوك المقبولة ومساندتها، وبالتالي يكتسبها الناس صغارا وكبارا ويحتضنونها من خلال تلك الوسائل، وبالتالي تؤثر في تكوين الشخصية، وتساعدها على التكيف للمواقف والخبرات الجديدة «١» .

وتساعد عدة عوامل على إحداث التأثير الكبير في الشيء، من هذه العوامل: التكرار، والجاذبية والمشاركة، ولا نريد أن نستفيض في هذا المجال، لأن المقام لا يسمح، ولكن عوامل تأثر النشء بالمواد الإعلامية- وخاصة التليفزيون- يستحق منا التركيز. ويمكن ذكر تلك العوامل فيما يلي:

١- الاستيعاب: ومعناه: امتصاص المواد المبثوثة في وسائل الإعلام لما تنطوي عليه من مغريات فنية وأدبية وإخراجية، وكلما تكررت المادة بصورة أو أخرى زاد الاستيعاب.

٢- التقليد: وخاصة بين الصغار، فالصغير يقلد النماذج التي تعرض له، ويتوقف التقليد على بيئة الناشىء، وعلى ردود الفعل لدى أفراد هذه البيئة تجاه ما يقرأونه ويشاهدونه.

٣- التقمص: وهو حالة نفسية واجتماعية تتوحد خلالها شخصية المشاهد أو القارىء مع النماذج التي تقدم له من خلال وسائل الإعلام، ويستخدم المتلقي التقمص كوسيلة لإرضاء أو إشباع الحاجات الأساسية «٢» .

إن أهمية وسائل الإعلام قد غدت واضحة في مجال التربية، والأمر كذلك، فإنها تقوم على قيم معينة، هي قيم المجتمع الذي نعيش فيه، وهي إما أن تساعد على تثبيت هذه القيم ودعمها، وإما أن تعمل ضدها، بحيث تغرس في نفوس الأفراد قيما أصيلة جيدة، أو تخلع منها قيما رديئة وتغرس محلها قيما أخرى جيدة، وهذا يعود بالتأكيد إلى القائمين على أمر هذه الوسائل ومدى فهمهم لثقافة المجتمع ومعاييره وقيمه.

وقد تستخدم هذه الوسائل استخداما سيئا يعطل في الإنسان عقله ووجدانه، واهتمامه بالقيم مما يؤدي إلى حالة من الركود والخمول واللامبالاة، أو ما يسمى بعدم الاهتمام أو الاهتمام الظاهري الكاذب بمشكلات المجتمع، فكما أن لها استخداماتها الفعالة، فإن لها استخدامات ضارة أيضا، خاصة إذا ما وجهت توجيها ضد قيم المجتمع الأصيلة، فهي في هذه الحالة تهدم ولا تبني.

ومن الملاحظ في حياتنا تسرب ظواهر معينة من خلال وسائل الإعلام، كإشاعة العنف، والهروب من الواقع، والاستغراق في الخيال، والسلبية، والتقليد الأعمى، وغير ذلك وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه، وتؤكده دراسات


(١) راجع كافيه رمضان وأخرى، مرجع سابق، ص ٢٥٢، ٢٥٣.
(٢) راجع عبد اللطيف هوانة، مرجع سابق، ص ١٢٦، ١٢٧.