للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متعددة عن الأثر السلبي لوسائل الإعلام «١» . فهذه الوسائل قد تصبح معوّقا كبيرا- في بعض مواقفها- لتنمية الإنسان وقيمه المنشودة، وفي هذه الحالة لا بد أن نعي أن الإعلام في هذا الوضع يشكل معوّقا وخطرا على القيم، ويكمن هذا في التناقض الأساسي بين القائمين على الإعلام، أو بعضهم وبين الأغلبية الساحقة في المجتمع صاحبة المصلحة الحقيقية في تنمية القيم الإسلامية الدافعة نحو التقدم والتغيير الهادف البناء تجاه أهداف الإسلام «٢» .

وتزداد خطورة وأهمية وسائل الإعلام في مجال تنمية القيم، وذلك مع ما يمر به المجتمع العربي والإسلامي من ظروف التغير وسرعته ومن انفجار سكاني ومعرفي، وما يعانيه الإنسان من فراغ، واهتزاز في نظم العلاقات الاجتماعية الناتج عن اهتزاز القيم لدى الأفراد والمجتمعات، وما يتطلبه هذا المجتمع من جهود تنموية تدفعه نحو التقدم ليعبر هوة التخلف المادي التي يعاني منها، والتي تتطلب تنمية القيم اللازمة لمساندة هذه الجهود لتحقيق إنسانية الإنسان وتوفير جهده وحفظه وحفظ كرامته.

ولكل هذا نقول إن خطورة وأهمية وسائل الإعلام في مجال تنمية القيم الإسلامية المعبرة عن حركة المجتمع الإسلامي واضحة، فهي تقوم بدور رائد وفعال في هذا المجال، ولكي تكون هذه الوسائل أكثر فعالية، فإنه من اللازم عليها:

١- أن تنبثق رسالتها من تصور إسلامي خالص، وبطريقة متكاملة مع بقية الوسائط الأخري، حتى تتضافر الجهود في سبيل تقديم القيم الخلقية الإسلامية الخالصة.

٢- أن تخضع لتنظيم وتخطيط متكامل شامل لإيصال القيم الخلقية الإسلامية الخالصة للناس كافة بأسلوب عصري يعتمد على العقل والمنطق، وبكافة الأساليب الممكنة، ولا بد أن يأتي هذا التخطيط على أساس دراسة الواقع وفهمه فهما جيدا ومن ثم تتحدد الأهداف التي تسعى إليها وسائل الإعلام في هذا المجال.

٣- أن تستخدم الحكمة في مخاطبة الناس، فتأتيهم من جانب اهتماماتهم وآلامهم اليومية مع انتقاء الكلمة الطيبة التي تفتح أقفال العقول والقلوب، التزاما بالتوجيه القرآني الكريم: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ «٣» . فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا


(١) انظر في هذا المجال: نور الدين عبد الجواد، الإعلام والرسالة التربوية، في: ماذا يريد التربويون من الإعلاميين، الجزء الثاني، الرياض، مكتب التربية العربي لدول الخليج، ١٤٠٤ هـ- ١٩٨٤ م، ص ٢٠٥.
(٢) انظر: محمد سيد محمد، الإعلام والتنمية، الطبعة الثالثة، القاهرة، دار الفكر العربي، ١٤٠٥ هـ- ١٩٨٥ م، ص ٢٧٩- ٢٨٩.
(٣) سورة النحل: ١٢٥.