للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتكفي الفئام «١» من النّاس، واللّقحة من البقر لتكفي القبيلة من النّاس. واللّقحة من الغنم لتكفي الفخذ من النّاس «٢» . فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيّبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كلّ مؤمن وكلّ مسلم»

. ويبقى شرار النّاس، يتهارجون فيها تهارج الحمر «٤» فعليهم تقوم السّاعة» ) * «٥» .

٨-* (عن كعب بن مالك- رضي الله عنه- وكان ممّن شهد العقبة وبايع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بها، قال:

خرجنا في حجّاج قومنا من المشركين وقد صلّينا وفقهنا معنا البراء بن معرور كبيرنا وسيّدنا، فلمّا توجّهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة. قال البراء لنا: يا هؤلاء، إنّي قد رأيت والله رأيا وإنّي والله ما أدري توافقوني عليه أم لا. قال: قلنا له: وما ذاك؟. قال قد رأيت أن لا أدع هذه البنيّة منّي بظهر يعني الكعبة، وأن أصلّي إليها. قال: فقلنا: والله ما بلغنا أنّ نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم يصلّي إلّا إلى الشّام، وما نريد أن نخالفه. فقال: إنّي أصلّي إليها.

فقلنا له: لكنّا لا نفعل. فكنّا إذا حضرت الصّلاة صلّينا إلى الشّام وصلّى إلى الكعبة حتّى قدمنا مكّة. قال أخي: وقد كنّا عبنا عليه ما صنع، وأبى إلّا الإقامة عليه، فلمّا قدمنا مكّة، قال يابن أخي: انطلق إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاسأله عمّا صنعت في سفري هذا، فإنّه والله قد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم إيّاي فيه. قال: فخرجنا نسأل عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكنّا لا نعرفه، لم نره قبل ذلك، فلقينا رجل من أهل مكّة فسألناه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: هل تعرفانه.

قال: قلنا: لا، قال: فهل تعرفان العبّاس ابن عبد المطلّب عمّه. قلنا: نعم، قال: وكنّا نعرف العبّاس، كان لا يزال يقدم علينا تاجرا، قال: فإذا دخلتما المسجد فهو الرّجل الجالس مع العبّاس، قال:

فدخلنا المسجد فإذا العبّاس جالس ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم معه جالس، فسلّمنا ثمّ جلسنا إليه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للعبّاس: «هل تعرف هذين الرّجلين يا أبا الفضل؟» . قال: نعم، هذا البراء بن معرور سيّد قومه، وهذا كعب بن مالك. قال: فو الله ما أنسى قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الشّاعر؟» . قال: نعم. قال: فقال البراء بن معرور: يا نبيّ الله إنّي خرجت في سفري هذا وهداني الله للإسلام فرأيت أن لا أجعل هذه البنيّة منّي بظهر صلّيت إليها، وقد خالفني أصحابي في ذلك حتّى وقع في نفسي من ذلك شيء، فماذا ترى يا رسول الله.

قال: «لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها» . قال:


(١) الفئام: هي الجماعة الكثيرة، هذا هو المشهور والمعروف في اللغة وكتب الغريب.
(٢) الفخذ من الناس: قال أهل اللغة: الفخذ الجماعة من الأقارب، وهم دون البطن، والبطن دون القبيلة، قال القاضي: قال ابن فارس: الفخذ هنا بإسكان الخاء لا غير، فلا يقال إلا بإسكانها، بخلاف الفخذ التي هي العضو فإنها تكسر وتسكن.
(٣) وكل مسلم: هكذا هو في جميع نسخ مسلم: وكل مسلم، بالواو.
(٤) يتهارجون فيها تهارج الحمر: أي يجامع الرجال النساء علانية بحضرة الناس، كما يفعل الحمير، ولا يكترثون لذلك، والهرج، بإسكان الراء، الجماع. يقال: هرج زوجته أي جامعها، يهرجها، بفتح الراء وضمها وكسرها.
(٥) مسلم (٢٩٣٧) .