للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٠-* (عن أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنهما- قالت: قدمت عليّ أمّي وهي مشركة في عهد قريش، إذ عاهدهم، فاستفتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: يا رسول الله قدمت عليّ أمّي وهي راغبة، أفأصل أمّي؟. قال: «نعم صلي أمّك» ) * «١» .

١١-* (عن سلمان الفارسي قال: كنت رجلا فارسيّا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها جيّ، وكان أبي دهقان «٢» قريته، وكنت أحبّ خلق الله إليه، فلم يزل به حبّه إيّاي حتّى حبسني في بيته، أي ملازم النّار، كما تحبس الجارية، وأجهدت في المجوسيّة حتّى كنت قطن النّار «٣» الّذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة. قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة. قال: فشغل في بنيان له يوما، فقال لي: يا بنيّ إنّي قد شغلت في بنيان هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب فاطّلعها وأمرني فيها بعض ما يريد. فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النّصارى فسمعت

أصواتهم فيها وهم يصلّون وكنت لا أدري ما أمر النّاس لحبس أبي إيّاي في بيته. فلمّا مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون فلمّا رأيتهم أعجبني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت هذا والله خير من الدّين الّذي نحن عليه فو الله ما تركتهم حتّى غربت الشّمس وتركت ضيعة أبي، ولم آتها فقلت لهم: أين أصل هذا الدّين؟. قالوا: بالشّام. قال: ثمّ رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كلّه قال:

فلمّا جئته قال: أي بنيّ! أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت: يا أبت! مررت بناس يصلّون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم، فو الله ما زلت عندهم حتّى غربت الشّمس، قال: أي بنيّ! ليس في ذلك الدّين خير، دينك ودين آبائك خير منه. قال: قلت: كلّا والله إنّه خير من ديننا.

قال: فخافني، فجعل في رجلي قيدا، ثمّ حبسني في بيته. قال: وبعثت إلى النّصارى، فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشّام تجّار من النّصارى فأخبروني بهم. قال: فقدم عليهم ركب من الشّام تجار من النصارى، قال: فأخبروني بهم. قال: فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرّجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم. قال فلمّا أرادوا الرّجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي ثمّ خرجت معهم حتّى قدمت الشّام فلمّا قدمتها قلت: من أفضل أهل هذا الدّين. قالوا: الأسقف في الكنيسة. قال: فجئته فقلت: إنّي قد رغبت في هذا الدّين وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلّم منك وأصلّي معك، قال: فادخل. فدخلت معه قال: فكان رجل سوء، يأمرهم بالصّدقة ويرغّبهم فيها فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزه لنفسه، ولم يعطه المساكين حتّى جمع سبع قلال من ذهب وورق. قال: وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع ثمّ مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم: إنّ هذا كان رجل سوء،


(١) البخاري- الفتح ٦ (٣١٨٣) ، ومسلم (١٠٠٣) واللفظ له.
(٢) الدهقان: بكسر الدال وضمها: رئيس القرية- وهو معرّب.
(٣) قطن النار: خازنها وخادمها.