للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يأمركم بالصّدقة ويرغّبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه، ولم يعط المساكين منها شيئا قالوا: وما علمك بذلك؟ قال: قلت: أنا أدلّكم على كنزه. قالوا: فدلّنا عليه. قال: فأريتهم موضعه فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا، فلمّا رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدا. فصلبوه ثمّ رجموه بالحجارة، ثمّ جاؤوا برجل آخر فجعلوه بمكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلا يصلّي الخمس، أرى أنّه أفضل منه، وأزهد منه في الدّنيا، ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه. قال: فأحببته حبّا لم أحبّه من قبله، وأقمت معه زمانا ثمّ حضرته الوفاة.. الحديث) * «١» .

١٢-* (عن أبيّ بن كعب- رضي الله عنه- قال: كنت في المسجد فدخل رجل يصلّي، فقرأ قراءة أنكرتها عليه. ثمّ دخل آخر. فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلمّا قضينا الصّلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقلت: إنّ هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقرأ، فحسّن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شأنهما، فسقط في نفسي من التّكذيب، ولا إذ كنت في الجاهليّة «٢» ، فلمّا رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قد غشيني ضرب في صدري، ففضت عرقا «٣» ، وكأنّما أنظر إلى الله- عزّ وجلّ- فرقا «٤» .

فقال لي: «يا أبيّ أرسل إليّ: أن اقرإ القرآن على حرف فرددت إليه: أن هوّن على أمّتي، فردّ إليّ الثّانية: اقرأه على حرفين، فرددت إليه: أن هوّن على أمّتي، فردّ إليّ الثّالثة: اقرأه على سبعة أحرف، فلك بكلّ ردّة رددتكها مسألة تسألنيها «٥» . فقلت: اللهمّ اغفر لأمّتي. اللهمّ اغفر لأمّتي، وأخّرت الثّالثة ليوم يرغب إليّ الخلق كلّهم، حتّى إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم» ) * «٦» .

١٣-* (عن عليّ- رضي الله عنه- قال:

قيل: يا رسول الله من يؤمّر بعدك؟ قال: «إن تؤمّروا


(١) أحمد (٥/ ٤٤١- ٤٤٤) ، وقال الهيثمى في مجمع الزوائد (٩/ ٣٣٢- ٣٣٦) ، ورواه أحمد والطبراني في المعجم الكبير رقم (٦٠٦٥) بأسانيد رجالها رجال الصحيح غير محمد ابن إسحاق وقد صرح بالسماع.
(٢) فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية: معناه وسوس إلى الشيطان تكذيبا للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية، لأنه في الجاهلية كان غافلا أو متشككا، فوسوس لي الشيطان الجزم بالتكذيب. قال القاضي عياض: معنى قوله: سقط في نفسي، أنه اعترته حيرة ودهشة. قال: وقوله: ولا إذ كنت في الجاهلية، معناه: أن الشيطان نزغ في نفسه تكذيبا لم يعتقده. قال: وهذه الخواطر إذا لم يستمر عليها، لا يؤاخذ بها. قال القاضي: قال المازري: معنى هذا أنه وقع في نفس أبي بن كعب نزغة من الشيطان غير مستقرة ثم زالت في الحال، حين ضربه النبي صلّى الله عليه وسلّم بيده في صدره ففاض عرقا.
(٣) ضرب في صدري ففضت عرقا: قال القاضي: ضربه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في صدره تثبيتا له حين رآه قد غشيه ذلك الخاطر المذموم. قال: ويقال: فضت عرقا وفصت، بالضاد المعجمة والصاد المهملة. قال وروايتنا هنا بالمعجمة. قال النووي: وكذا هو في معظم أصول بلادنا، وفي بعضها بالمهملة.
(٤) فرقا: بفتحتين: أي خوفا.
(٥) مسألة تسألنيها: معناه: مسألة مجابة قطعا، وأما باقي الدعوات فمرجوة، ليست قطعيّة الإجابة.
(٦) مسلم (٨٢٠) .