للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبيدة، وأنّه جاء بشيء» . قالوا: أجل يا رسول الله.

قال: «فأبشروا وأمّلوا ما يسرّكم، فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدّنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتلهيكم كما ألهتهم» ) * «١» .

١٦-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الدّنيا حلوة خضرة، وإنّ الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتّقوا الدّنيا واتّقوا النّساء، وإنّ فتنة بني إسرائيل كانت في النّساء» ) * «٢» .

١٧-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله فقال: «إنّ ممّا أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدّنيا وزينتها» . فقال رجل:

يا رسول الله، أو يأتي الخير بالشّر؟ فسكت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقيل له: ما شأنك تكلّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولا يكلّمك؟. فرأينا أنّه ينزل عليه. قال فمسح عنه الرّحضاء «٣» فقال: «أين السائل؟» - وكأنّه حمده- فقال: «إنّه لا يأتي الخير بالشّرّ، وإنّ ممّا ينبت الرّبيع يقتل أو يلمّ «٤» ، إلّا آكلة الخضر، أكلت حتّى إذا امتدّت خاصرتاها استقبلت عين الشّمس فثلطت»

وبالت ورتعت. وإنّ هذا المال خضرة حلوة، فنعم صاحب المسلم ما أعطى منه المسكين واليتيم وابن السّبيل» . أو كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «وإنّه من يأخذه بغير حقّه كالّذي يأكل ولا يشبع، ويكون شهيدا عليه يوم القيامة» ) * «٦» .

١٨-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما- أنّه جاءه ثلاثة نفر فقالوا: يا أبا محمّد، إنّا والله، ما نقدر على شيء. لا نفقة ولا دابّة ولا متاع. فقال لهم: ما شئتم. إن شئتم

رجعتم إلينا فأعطيناكم ما يسّر الله لكم. وإن شئتم ذكرنا أمركم للسّلطان. وإن شئتم صبرتم. فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنّة بأربعين خريفا «٧» » . قالوا: فإنّا نصبر، لا نسأل شيئا) * «٨» .

١٩-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه-


(١) البخاري- الفتح ١١ (٦٤٢٥) واللفظ له، ومسلم (٢٩٦١) .
(٢) مسلم (٤/ ٢٧٤٢) .
(٣) الرّحضاء: أي العرق، وأكثر ما يسمّى به عرق الحمى.
(٤) إن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم: إن نبات الربيع وخضره يقتل تخمة لكثرة الأكل؛ ويقارب القتل إلا إذا اقتصر منه على اليسير الذي تدعو إليه الحاجة وتحصل به الكفاية المقتصدة فإنه لا يضر. وهكذا المال فإنه كنبات الربيع، مستحسن تطلبه النفوس، وتميل إليه فمنهم من يستكثر منه ويستغرق فيه غير صارف له في وجوهه فهذا يهلكه أو يقارب إهلاكه، ومنهم من يقتصد فيه فلا يأخذ إلا يسيرا ويصرفه في وجوهه الشرعية فهذا لا يضره، وهذا مختصر معنى الحديث.
(٥) ثلطت: ثلط البعير يثلط إذا ألقى رجيعا سهلا رقيقا.
(٦) البخاري- الفتح ٣ (١٤٦٥) واللفظ له، ومسلم (١٠٥٢) .
(٧) أربعين خريفا: أي أربعين سنة.
(٨) مسلم (٢٩٧٩) .