للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥-* (عن يعلى- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى رجلا يغتسل بالبراز «١» بلا إزار، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال صلّى الله عليه وسلّم «إنّ الله- عزّ وجلّ- حليم حييّ ستّير يحبّ الحياء والسّتر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر» ) * «٢» .

٦-* (عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزّبيديّ أنّه مرّ وصاحب له بأيمن وفئة من قريش قد حلّوا أزرهم فجعلوها مخاريق «٣» يجتلدون بها، وهم عراة قال عبد الله: فلمّا مررنا بهم، قالوا: إنّ هؤلاء قسّيسون فدعوهم، ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج عليهم فلمّا أبصروه تبدّدوا، فرجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مغضبا حتّى دخل، وكنت أنا وراء الحجرة فسمعته يقول: «سبحان الله! لا من الله استحيوا، ولا من رسوله استتروا» وأمّ أيمن عنده تقول: استغفر لهم يا رسول الله. قال عبد الله: فبلأي «٤» ما استغفر لهم» ) * «٥» .

٧-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ موسى كان رجلا حييّا ستّيرا لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فاذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يستتر هذا التّستّر إلّا من عيب بجلده: إمّا برص وإمّا أدرة «٦» ، وإمّا آفة. وإنّ الله أراد أن يبرّئه ممّا قالوا لموسى، فخلا يوما وحده فوضع ثيابه على الحجر ثمّ اغتسل. فلمّا فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإنّ الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه، وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر.

حتّى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله، وأبرأه ممّا يقولون، وقام الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه، فو الله إنّ بالحجر لندبا «٧» من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا، فذلك قوله (الأحزاب/ ٦٩) : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً» ) * «٨» .

٨-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: إنّ ابن عمر- والله يغفر له- أوهم، إنّما كان هذا الحيّ من الأنصار- وهم أهل وثن- مع هذا الحيّ من يهود- وهم أهل كتاب- وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب أن لا يأتوا النّساء إلّا على حرف «٩» ، وذلك أستر ما تكون المرأة، فكان هذا الحيّ من


(١) البراز: الخلاء.
(٢) النسائي (١/ ٢٠٠) واللفظ له. وأبو داود (٤١٢) . وقال الألباني ٢/ ٧٥٨) ح ٣٣٨٧: صحيح، والبزار والطبراني وأحد إسنادي الطبراني ثقات.
(٣) المخراق: ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا.
(٤) فبلأي: أي بعد جهد ومشقة وإبطاء. انظر النهاية (٤/ ٢٢١) .
(٥) الهيثمي في المجمع (٨/ ٢٧) وقال: رواه أحمد (٤/ ١٩١) واللفظ له وأبو يعلى قال: قال عبد الله يعني ابن الحارث فتأبى ما استغفر لهم والبزار والطبراني وأحد إسنادي الطبراني ثقات.
(٦) البرص: داء من الأدواء وهو بياض يقع بالجسد. والأدرة: انتفاخ في الخصية.
(٧) النّدب في الأصل أثر الجرح، وقد شبه به أثر الضرب في الحجر.
(٨) البخاري- الفتح ٦ (٣٤٠٤) .
(٩) على حرف: أي على جانب.