للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأنصار، قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحيّ من قريش يشرحون النّساء شرحا منكرا «١» ، ويتلذّذون منهنّ مقبلات، ومدبرات ومستلقيات، فلمّا قدم المهاجرون المدينة تزوّج رجل منهم امرأة من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه، وقالت: إنّما كنّا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلّا فاجتنبي، حتّى شري أمرهما «٢» ، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله- عزّ وجلّ-: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ (البقرة/ ٢٢٣) أي: مقبلات ومدبرات ومستلقيات- يعني بذلك- موضع الولد) * «٣» .

٩-* (عن عبادة بن الصّامت- رضي الله عنه- وكان شهد بدرا؛ وهو أحد النّقباء ليلة العقبة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال- وحوله عصابة من أصحابه-:

«بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف. فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدّنيا، فهو كفّارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثمّ ستره الله فهو إلى الله: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك) * «٤» .

١٠-* (عن صفوان بن محرز المازنيّ قال:

بينما أنا أمشي مع ابن عمر- رضي الله عنهما- آخذ بيده إذ عرض رجل فقال: كيف سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في النّجوى؟ فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إنّ الله يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا، فيقول:

نعم أي ربّ. حتّى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنّه هلك قال: سترتها عليك في الدّنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته. وأمّا الكافر والمنافقون فيقول الأشهاد: هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (هود/ ١٨)) * «٥» .

١١-* (عن شيخ من طفاوة، قال تثوّيت «٦» أبا هريرة بالمدينة، فلم أر رجلا من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أشدّ تشميرا»

ولا أقوم على ضيف منه، فبينما أنا عنده يوما، وهو على سرير له، ومعه كيس فيه حصى، أو نوى، وأسفل منه جارية له سوداء، وهو يسبّح بها، حتّى إذا أنفد ما في الكيس ألقاه إليها، فجمعته فأعادته في الكيس، فدفعته إليه، فقال: ألا أحدّثك عنّي وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: قلت: بلى، قال: بينا أنا أوعك «٨» في المسجد إذ جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى دخل المسجد فقال: «من أحسّ الفتى الدّوسيّ» ؟


(١) يشرحون النساء شرحا: يقال: شرح فلان جاريته إذا وطئها وهي نائمة على قفاها.
(٢) شري أمرهما: أي ظهر خبرهما وعرف.
(٣) أبو داود (٢١٦٤) وقال الألباني (٢/ ٤٦) : حسن وأصله عند البخاري من حديث جابر وعند مسلم. وذكره ابن كثير (١/ ٢٦٢) وقال: يشهد له ما تقدم من الأحاديث
(٤) البخاري الفتح ١ (١٨) واللفظ له. ومسلم (١٧٩) .
(٥) البخاري الفتح ٥ (٢٤٤١) واللفظ له. ومسلم ٤ (٢٧٦٨) .
(٦) تثويت عند فلان وتثوّيته: تضيّفته وأقمت عنده (كما في النهاية.
(٧) أشد تشميرا: كناية عن كثرة العبادة.
(٨) أوعك: من الوعك وهو الحمى، وقيل: ألمها.