للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاث مرّات، فقال رجل: يا رسول الله، هو ذا يوعك في جانب المسجد، فأقبل يمشي حتّى انتهى إليّ، فوضع يده علىّ، فقال لي معروفا، فنهضت، فانطلق يمشي حتّى أتى مقامه الّذي يصلّي فيه، فأقبل عليهم، ومعه صفّان من رجال وصفّ من نساء، أو صفّان من نساء وصفّ من رجال، فقال: «إن أنساني الشّيطان شيئا من صلاتي فليسبّح القوم وليصفّق النّساء» قال: فصلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم ينس من صلاته شيئا، فقال: «مجالسكم» زاد موسى «ههنا» ثمّ حمد الله- تعالى- وأثنى عليه، ثمّ قال: «أمّا بعد» ثمّ اتّفقوا: ثمّ أقبل على الرّجال فقال: «هل منكم الرّجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه، وألقى عليه ستره واستتر بستر الله؟» قالوا: نعم، قال «ثمّ يجلس بعد ذلك، فيقول فعلت كذا، فعلت كذا» قال: فسكتوا، قال: فأقبل على النّساء. فقال: «هل منكنّ من تحدّث؟» فسكتن، فجثت فتاة (قال مؤمّل في حديثه: فتاة كعاب) على إحدى ركبتيها، وتطاولت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليراها ويسمع كلامها، فقالت: يا رسول الله، إنّهم ليتحدّثون، وإنّهنّ ليتحدّثن، فقال: «هل تدرون ما مثل ذلك؟» فقال: «إنّما ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانا في السّكّة، فقضى منها حاجته، والنّاس ينظرون إليه، ألا وإنّ طيب الرّجال ما ظهر ريحه، ولم يظهر لونه، ألا إنّ طيب النّساء ما ظهر لونه، ولم يظهر ريحه» ) *.

قال أبو داود: من هاهنا حفظته عن مؤمّل وموسى «ألا لا يفضينّ رجل إلى رجل، ولا امرأة إلى امرأة إلّا إلى ولد أو والد» وذكر ثالثة فأنسيتها» ) * «١» .

١٢-* (عن يعلى بن أميّة- رضي الله عنه- قال: «جاء رجل إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو بالجعرانة «٢» .

عليه جبّة وعليها خلوق «٣» (أو قال أثر صفرة) فقال:

كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ قال: وأنزل على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الوحي. فستر بثوب. وكان يعلى يقول:

وددت أنّي أرى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقد أنزل عليه الوحي. قال فقال «٤» : أيسرّك أن تنظر إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقد أنزل عليه الوحي؟ قال فرفع عمر طرف الثّوب. فنظرت إليه له غطيط. (قال وأحسبه قال) كغطيط البكر «٥» . قال:

فلمّا سرّي عنه قال: «أين السّائل عن العمرة؟ اغسل عنك أثر الصّفرة (أو قال أثر الخلوق) واخلع عنك جبّتك. واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجّك» ) * «٦» .

١٣-* (عن عائشة زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت:

جاءتني امرأة، ومعها ابنتان لها، فسألتني فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة. فأعطيتها إيّاها. فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها. ولم تأكل منها شيئا. ثمّ قامت فخرجت وابنتاها، فدخل عليّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فحدّثته


(١) أبو داود (٢١٧٤) واللفظ له وقال صاحب عون المعبود (٦/ ٢٢٤) قال المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي مختصرا. وقال الترمذي: حديث حسن إلا أن الطّفاوي لا نعرفه وأحمد في المسند (٢/ ٥٤١٥٤) . وأصله عند مسلم (١٤٣٧) . وأخرى عند أبي داود (٤٨٧) .
(٢) الجعرانة: مكان بين الطائف ومكة وهو إلى مكة أقرب.
(٣) الخلوق: الطيب.
(٤) القائل: عمر بن الخطاب. رضي الله عنه.
(٥) غطيط البكر: هدير البعير أي صوته عند الشقشقة.
(٦) البخاري- الفتح ٣ (١٧٨٩) ومسلم ٢ (١١٨) واللفظ له.