للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحانت منّي لفتة «١» ، فإذا أنا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم مقبلا.

وإذا الشّجرتان قد افترقتا. فقامت كلّ واحدة منهما على ساق. فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقف وقفة. فقال برأسه هكذا (وأشار أبو إسماعيل برأسه يمينا وشمالا) ثمّ أقبل. فلمّا انتهى إليّ قال: «يا جابر هل رأيت مقامي؟» قلت: نعم. يا رسول الله قال: «فانطلق إلى الشّجرتين فاقطع من كلّ واحدة منهما غصنا. فأقبل بهما. حتّى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك» .

قال جابر: فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته «٢» . فانذلق «٣» لي. فأتيت الشّجرتين فقطعت من كلّ واحدة منهما غصنا. ثمّ أقبلت أجرّهما حتّى قمت مقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري. ثمّ لحقته فقلت: قد فعلت.

يا رسول الله! فعمّ ذاك؟ قال: «إنّي مررت بقبرين يعذّبان. فأحببت، بشفاعتي، أن يرفّه عنهما»

، ما دام الغصنان رطبين» ) * «٥» .

٤٥-* (عن أبي السّمح- رضي الله عنه- قال: كنت أخدم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فكان إذا أراد أن يغتسل قال «ولّني قفاك» فأولّيه قفاي، وأنشر الثّوب فأستره به» ) * «٦» .

٤٦-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال: لمّا انقضت عدّة زينب «٧» قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لزيد «٨» :

«فاذكرها عليّ «٩» » قال: «فانطلق زيد حتّى أتاها وهي تخمّر عجينها «١٠» قال: فلمّا رأيتها عظمت في صدري «١١» حتّى ما أستطيع أن أنظر إليها أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكرها. فولّيتها ظهري ونكصت على عقبي فقلت: يا زينب أرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يذكرك. قالت:


(١) فحانت مني لفتة: اللفتة النظرة إلى جنب.
(٢) وحسرته: أي أحددته ونحيت عنه ما يمنع حدته بحيث صار مما يمكن قطع الأغصان به.
(٣) فانذلق: أي صار حادّا.
(٤) أن يرفه عنهما: أي يخفف.
(٥) مسلم (٣٠١٢) .
(٦) أبو داود (٣٧٦) وقال الألباني (١/ ٧٥) : صحيح والنسائي (١/ ١٥٨) وابن ماجة وولّني: أي ظهرك لئلا يقع نظره عليه. (٦١٣) وزاد عند أبي داود: فأتى بحسن أو حسين- رضي الله عنهما- فبال على صدره فجئت أغسله فقال: يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام.
(٧) لما انقضت عدة زينب: هي زينب بنت جحش التي زوجها الله سبحانه بنبيه لمصلحة تشريع، بينه في سورة الأحزاب (آية ٣٧) .
(٨) لزيد: هو زيد بن حارثة الذي سماه الله سبحانه في تلك السورة من كتابه. انظر الهامش السابق.
(٩) فاذكرها علي: أي فاخطبها لي من نفسها.
(١٠) تخمر عجينها: أي تجعل في عجينها الخمير قال المجد: وتخمير العجين تركه ليجود.
(١١) فلما رأيتها عظمت في صدري: معناه أنه هابها واستجلها من أجل إرادة النبي صلّى الله عليه وسلّم تزوجها فعاملها معاملة من تزوجها صلّى الله عليه وسلّم، في الإعظام والإجلال والمهابة وقوله: أن رسول الله هو بفتح الهمزة من أن: أي من أجل ذلك وقوله: نكصت: أي رجعت، وكان جاء إليها ليخطبها وهو ينظر إليها، على ما كان من عادتهم وهذا قبل نزول الحجاب فلما غلب عليه الإجلال تأخر وخطبها وظهره إليها، لئلا يسبقه النظر إليها.