للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبناءكم» قال: فأخذ البراء بن معرور بيده، ثمّ قال:

نعم والّذي بعثك بالحقّ لنمنعنّك ممّا نمنع منه أزرنا، فبايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنحن أهل الحروب، وأهل الحلقة «١» ورثناها كابرا عن كابر، قال: فاعترض القول والبراء يكلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبو الهيثم بن التّيّهان حليف بني عبد الأشهل، فقال: يا رسول الله! إنّ بيننا وبين الرّجال حبالا وإنّا قاطعوها- يعني العهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثمّ أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ قال: فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قال: «بل الدّم الدّم والهدم الهدم «٢» ، أنا منكم، وأنتم منّي، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم» وقد قال: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم» ، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا منهم تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس، وأنا معبد بن كعب فحدّثني في حديثه عن أخيه عن أبيه كعب بن مالك، قال كان أوّل من ضرب على يد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم البراء بن معرور، ثمّ تتابع القوم، فلمّا بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صرخ الشّيطان من رأس العقبة بأبعد صوت سمعته قطّ: يا أهل الجباجب- والجباجب المنازل- هل لكم في مذمّم والصّباة معه قد أجمعوا على حربكم؟ قال عليّ- يعني ابن إسحاق- ما يقول عدوّ الله محمّد؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هذا أزبّ العقبة، هذا ابن أذيب. اسمع أي عدوّ الله، أما والله لأفرغنّ لك» ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ارفعوا إلى رحالكم» قال: فقال له العبّاس بن عبادة ابن نضلة: والّذي بعثك بالحقّ لئن شئت لنميلنّ على أهل منى غدا بأسيافنا، قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لم أومر بذلك» قال: فرجعنا فنمنا حتّى أصبحنا، فلمّا أصبحنا غدت علينا جلّة قريش حتّى جاؤونا في منازلنا، فقالوا: يا معشر الخزرج، إنّه قد بلغنا أنّكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا، والله إنّه ما من العرب أحد أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينه منكم، قال: فانبعث من هنالك من مشركي قومنا يحلفون لهم بالله ما كان من هذا شيء وما علمناه وقد صدقوا، لم يعلموا ما كان منّا، قال: فبعضنا ينظر إلى بعض قال: وقام القوم وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميّ، وعليه نعلان جديدان، قال: فقلت كلمة كأنّي أريد أن أشرك القوم بها فيما قالوا: ما تستطيع يا أبا جابر، وأنت سيّد من سادتنا أن تتّخذ نعلين مثل نعلي هذا الفتى من قريش، فسمعها الحارث فخلعهما ثمّ رمى بهما إليّ، فقال: والله لتنتعلنّهما، قال: يقول أبو جابر: أحفظت والله الفتى فاردد عليه نعليه قال: فقلت: والله لا أردّهما قال: والله


(١) الحلقة: السّلاح عامّة، وقيل هي الدروع خاصة.
(٢) في المطبوعة: الهدم الهدم، وقد تكون محرفة وصوابها الدم الدم. راجع المسند الجامع (١٤/ ٦٠٧) . والهدم بالفتح: القبر، يعني أني أقبر حيث تقبرون وقيل: هو المنزل أي منزلكم منزلي. والهدم بالسكون وبالفتح: هو دم القتيل والمعنى: إن طلب دمكم فقد طلب دمي، وإن أهدر فقد أهدر دمي لاستحكام الألفة بيننا. نهاية (٥/ ٢٥١) .