للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلح، والله لئن صدق الفأل لأسلبنّه) * «١» .

٢٠-* (عن المسور بن مخرمة- رضي الله عنه- قال: خرج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، زمن الحديبية، في بضع عشرة مائة من أصحابه، حتّى إذا كانوا بذي الحليفة، قلّة الهدي، وأشعره، وأحرم بالعمرة وساق الهدي، قال: وسار النّبي صلّى الله عليه وسلّم، حتّى إذا كان بالثّنيّة الّتي يهبط عليهم منها، بركت به راحلته فقال النّاس: حل حل «٢» خلأت «٣» القصواء (مرّتين) «٤» فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«ما خلأت، وما ذلك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل» ثمّ قال: «والّذي نفسي بيده لا يسألوني اليوم خطّة يعظّمون حرمات الله إلّا أعطيتهم إيّاها» .

ثمّ زجرها فوثبت، فعدل عنهم حتّى نزل بأقصى الحديبية على ثمد «٥» قليل الماء. فجاءه بديل بن ورقاء الخزاعيّ، ثمّ أتاه- يعني عروة بن مسعود- فجعل يكلّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فكلّما كلّمه أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ومعه السّيف، وعليه المغفر «٦» ، فضرب يده بنعل السّيف، وقال: أخّر يدك عن لحيته. فرفع عروة رأسه فقال: من هذا «٧» ؟ قالوا:

المغيرة بن شعبة، فقال: أي غدر، أولست أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوما في الجاهليّة، فقتلهم وأخذ أموالهم، ثمّ جاء فأسلم، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أمّا الإسلام فقد قبلنا، وأمّا المال فإنّه مال غدر، لا حاجة لنا فيه» فذكر الحديث فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«اكتب: هذا ما قاضى عليه محمّد رسول الله» . وقصّ الخبر، فقال سهيل: وعلى أنّه لا يأتيك منّا رجل، وإن كان على دينك، إلّا رددته إلينا. فلمّا فرغ من قضيّة الكتاب قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه: «قوموا فانحروا ثمّ احلقوا» .. ثمّ جاء نسوة مؤمنات مهاجرات فنهاهم الله أن يردّوهنّ، وأمرهم أن يردّوا الصّداق. ثمّ رجع إلى المدينة، فجاءه أبو بصير- رجل من قريش-، يعني فأرسلوا في طلبه، فدفعه إلى الرّجلين، فخرجا به حتّى إذا بلغا ذا الحليفة نزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرّجلين والله إنّي لأرى سيفك هذا يا فلان جيّدا، فاستلّه الآخر، فقال: أجل قد جرّبت به، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتّى برد «٨» ، وفرّ الآخر، حتّى أتى المدينة، فدخل


(١) أحمد (٣/ ٤٦٠- ٤٦٢) واللفظ له. وقال ابن حجر في الفتح (٧/ ٢٦١) : أخرجه ابن إسحاق وصححه ابن حبان من طريقه بطوله. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٤٣- ٤٥) : رواه أحمد والطبراني بنحوه. ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع.
(٢) حل حل: اسم صوت مثل: هيد هيد، يقال للناقة لتقوم وتسرع، ومنه ما يقال للبغل: عدس. وللحمار: حاحا. وما يقال عند الإعجاب: بخ بخ.
(٣) خلأت: بركت. والقصو: قطع طرف الأذن. والقصواء: هو اسم ناقة الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
(٤) في جميع الأصول كلمة مرتين هنا، وأظن أن المناسب أن تسبق كلمة (القصواء) .
(٥) الثمد: الماء القليل الذي لا مادّ له، وقيل: هو الذي يظهر في الشتاء ويذهب في الصيف.
(٦) المغفر: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة وقيل حلق يتقنع به المتسلح.
(٧) عروة عم المغيرة، ولم يعرفه بسبب لبسه المغفر، ولعل بعض زرده غطى وجهه.
(٨) حتى برد: أي مات.