للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ للقرشيّ مثلي قوّة الرّجل من غير قريش» . قيل للزّهريّ: ما عنى بذلك قال: «نبل الرّأي» ) * «١» .

١٦-* (عن المسور- رضي الله عنه- أنّه بعث إليه حسن بن حسن يخطب ابنته فقال له: قل له فليلقني في العتمة. قال: فلقيه فحمد المسور الله وأثنى عليه وقال: أمّا بعد، والله ما من نسب ولا سبب ولا صهر أحبّ إليّ من سببكم وصهركم، ولكنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «فاطمة مضغة منّي، يقبضني ما قبضها، ويبسطني ما بسطها، وإنّ الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري، وعندك ابنتها، ولو زوّجتك لقبضها ذلك» ، قال: فانطلق عاذرا له) * «٢» .

١٧-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «اهجوا قريشا. فإنّه أشدّ عليها من رشق بالنّبل «٣» » . فأرسل إلى ابن رواحة فقال: «اهجهم» . فهجاهم فلم يرض. فأرسل إلى كعب بن مالك. ثمّ أرسل إلى حسّان بن ثابت.

فلمّا دخل عليه، قال حسّان: قد آن لكم «٤» أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضّارب بذنبه «٥» . ثمّ أدلع لسانه «٦» فجعل يحرّكه. فقال: والّذي بعثك بالحقّ لأفرينّهم بلساني فري الأديم «٧» . فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تعجل. فإنّ أبا بكر أعلم قريش بأنسابها. وإنّ لي فيهم نسبا. حتّى يلخّص لك نسبي» . فأتاه حسّان. ثمّ رجع فقال: يا رسول الله قد لخّص لي نسبك. والّذي بعثك بالحقّ لأسلّنّك منهم كما تسلّ الشّعرة من العجين. قالت عائشة:

فسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لحسّان: «إنّ روح القدس لا يزال يؤيّدك، ما نافحت عن الله ورسوله» . وقالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:

«هجاهم حسّان فشفى واشتفى» ) * «٨» .

قال حسّان:

هجوت محمّدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء


(١) أحمد (٤/ ٨١) ، والهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٦) ، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح.
(٢) أحمد (٤/ ٣٢٣) وأصله في الصحيحين، والبخاري. الفتح (٣٧٦٧) ، ومسلم (٢٤٤٩) .
(٣) رشق بالنبل: بفتح الراء، هو الرمي بها. وأما الرشق، بالكسر، فهم اسم للنبل التي ترمى دفعة واحدة.
(٤) لقد آن لكم: أي حان لكم.
(٥) الضارب بذنبه: قال العلماء: المراد بذنبه، هنا، لسانه. فشبه نفسه بالأسد في انتقامه وبطشه إذا اغتاظ وحينئذ يضرب بذنبه جنبيه. كما فعل حسان بلسانه حين أدلعه، فجعل يحركه. فشبه نفسه بالأسد. ولسانه بذنبه.
(٦) أدلع لسانه: أي أخرجه عن الشفتين. يقال: دلع لسانه وأدلعه. ودلع اللسان بنفسه.
(٧) لأفرينهم بلساني فري الأديم: أي لأمزقن أعراضهم تمزيق الجلد.
(٨) فشفى واشتفى: أي شفى المؤمنين واشتفى هو بما ناله من أعراض الكفار ومزقها ونافح عن الإسلام والمسلمين.