للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ «١» والآية وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ «٢» وقد بيّن عمر- رضي الله عنه- أن الحكم يخص الأمة وأن من يسلبها هذا الأمر يكون غاصبا. «٣» .

وتوازن الدعوة الإسلامية بين المطالب الروحية والدنيوية، وتنظر إلى عمران الأرض وزينة الحياة وطيباتها نظرة متفائلة، فلا تطالب البشر بالتبتل والحرمان والنأي عن استثمار الطاقات المتنوعة لمصالحهم قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ «٤» وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ «٥» . فالمطلوب أن يكون العمران والاستثمار في نطاق الإحساس دون الظلم والانحراف عن الفطرة وتسخير القوى نحو الشر والدمار والطغيان ...

وهي في دعوتها إلى العمران تربي الأتباع على الإتقان، والإتقان يقابل بمصطلحات العصر (التكنولوجيا) ، والإحسان مرتبة عليا فوق الإسلام والإيمان، وفيها تتفجر الطاقات الإنسانية، وتنفتح على عالم الغيب بتركيز عال:

من العبادة والرقابة واليقين «الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك» «٦» .

وقد أثمرت هذه الدعوة حضارة مادية رائعة في العصور الإسلامية الذهبية شملت الفكر والعلوم والزراعة والصناعة.

وكان من مقاصد الدعوة الإسلامية حفظ النوع الإنساني واستمراره في الوجود، بتشريع الزواج، وتحصين الأسرة «٧» ، وتحريم إتلاف النفس البشرية بالقتل أو الانتحار مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً «٨» معتبرة تحقيق الأمان الفردي أساسا لتحقيق الأمن الجماعي.

وتفتح الدعوة الإسلامية أبواب التوبة «٩» أمام العالمين مهما بلغت معاصيهم دون الحاجة إلى الاعتراف أمام وسيط أو كشف مستور للآخرين قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ «١٠» وبذلك تم التأكيد على قيم إيجابية تحارب اليأس «١١» والقنوط «١٢» والتردي والعبثية والإحساس بالضنك في الحياة، وتمحو الصور القاتمة المظلمة الموحية بالاكتئاب والقلق «١٣» مثل


(١) القرآن الكريم- سورة الشورى/ ٣٨.
(٢) القرآن الكريم- سورة آل عمران/ ١٥٩.
(٣) الفسوي- المعرفة والتأريخ ١/ ٣٥١ بإسناد صحيح.
(٤) القرآن الكريم- سورة الأعراف، الآية/ ٣٢.
(٥) القرآن الكريم- سورة القصص، الآية/ ٧٧.
(٦) البخاري- الصحيح ١/ ١٨.
(٧) انظر صفة حفظ الفرج.
(٨) القرآن الكريم- سورة المائدة، الآية/ ٣٢.
(٩) انظر صفة التوبة.
(١٠) القرآن الكريم- سورة الزمر، الآية/ ٥٣.
(١١) انظر صفة اليأس.
(١٢) انظر صفة القنوط.
(١٣) انظر صفة القلق.