للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القيامة فجّارا، إلّا من اتّقى الله وبرّ وصدق» ) * «١» .

١٤-* (عن أبيّ بن كعب- رضي الله عنه- أنّه كان له جرين «٢» تمر، فكان يجده ينقص، فحرسه ليلة، فإذا هو بمثل الغلام المحتلم فسلّم عليه، فردّ السّلام فقال: أجنّي أم إنسيّ؟ فقال: بل جنّي. فقال:

أرني يدك فأراه، فإذا يد كلب وشعر كلب، فقال:

هكذا خلق الجنّ، فقال: لقد علمت الجنّ أنّه ليس فيهم رجل أشدّ منّي. قال: ما جاء بك؟ قال: أنبئنا أنّك تحبّ الصّدقة، فجئنا نصيب من طعامك. قال:

ما يجيرنا منكم؟ قال: تقرأ آية الكرسيّ من سورة البقرة اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قال: نعم. قال: إذا قرأتها غدوة أجرت منّا حتّى تمسي، وإذا قرأتها حين تمسي أجرت منّا حتّى تصبح. قال أبيّ: فغدوت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته بذلك. فقال «صدق الخبيث» ) * «٣» .

١٥-* (عن أبي موسى- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «رأيت في المنام أنّي أهاجر من مكّة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي «٤» إلى أنّها اليمامة أو هجر «٥» ، فإذا هي المدينة، يثرب، ورأيت في رؤياي هذه أنّي هززت سيفا فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد. ثمّ هززته بأخرى، فعاد أحسن ما يكون، فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين، ورأيت فيها بقرا، والله خير، فإذا هم النّفر من المؤمنين يوم أحد، وإذا الخير ما جاء الله به من الخير، وثواب الصّدق الّذي آتانا الله بعد، يوم بدر» ) * «٦» .

٦١-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إنّ أهل الجنّة يتراءون «٧» أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدّرّيّ «٨» الغابر «٩» في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم. قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: «بلى والّذي نفسي بيده، رجال


(١) الترمذي (١٢١٠) واللفظ له، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم (٢/ ٦) : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. والحديث أورده الهيثمي في المجمع (٤/ ٧٣) ، (٨/ ٣٦) ونسبه لأحمد والطبراني وقال: رجالهما رجال الصحيح.
(٢) الجرن: هو موضع تجفيف التمر، وهو له كالبيدر للحنطة.
(٣) الحاكم في المستدرك (١/ ٥٦٢) وقال: صحيح الإسناد. ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. والهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ١١٨) وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(٤) وهلى: وهمي واعتقادي.
(٥) هجر: مدينة معروفة وهي قاعدة البحرين.
(٦) البخاري- الفتح ٦ (٣٦٢٢) . ومسلم (٢٢٧٢) . واللفظ له. وقال أكثر شراح الحديث: معناه ثواب الله خير. أي صنع الله بالمقتولين خير لهم من بقائهم في الدنيا وتأويل النبي لها: «إذا الخير ما جاء الله به» .
(٧) في رواية أبي ذر: «إنّ أهل الجنّة يتراءون» بوزن يتفاعلون. والمعنى أن أهل الجنة تتفاوت منازلهم بحسب درجاتهم في الفضل، حتى إن الدرجات العلا ليراهم من هو أسفل منهم كالنجوم.
(٨) الكوكب الدري: الكوكب العظيم. قيل سمي درّيّا لبياضه كالدر. وقيل: لإضاءته.
(٩) الغابر: الذاهب الماشي الذي تدلى للغروب وبعد عن العيون.