للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلف السّيوف بيننا وبينهم.

قال ابن عمر: فنظرت إلى أبي عقيل وقد قطعت يده المجروحة من المنكب، فوقعت على الأرض وبه من الجراح أربعة عشر جرحا كلّها قد خلصت إلى مقتل، وقتل عدوّ الله مسيلمة، قال ابن عمر: فوقعت على أبي عقيل وهو صريع باخر رمق «١» ، فقلت: أبا عقيل، فقال: لبّيك. بلسان ملتاث «٢» - لمن الدّبرة؟، قلت: أبشر، ورفعت صوتي: قد قتل عدوّ الله، فرفع أصبعه إلى السّماء يحمد الله، ومات- رحمه الله- قال ابن عمر:

فأخبرت عمر بعد أن قدمت خبره كلّه، فقال:

رحمه الله، ما زال يسأل الشّهادة ويطلبها، وإن كان ما علمت من خيار أصحاب نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم وقديم إسلام) * «٣» .

٥-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّ عمر- رضي الله عنه- قال يوم أحد لأخيه: خذ الدّرع يا أخي، قال: أريد من الشّهادة مثل الّذي تريد، فتركاها جميعا) * «٤» .

٦-* (روي عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- أنّه قال: لا تصغرنّ هممكم، فإنّي لم أر أقعد عن المكرمات من صغر الهمم) * «٥» .

٧-* (عن زيد بن أسلم عن أبيه، قال:

خرجت مع عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- إلى السّوق، فلحقت عمر امرأة شابّة، فقالت: يا أمير المؤمنين هلك زوجي وترك صبية صغارا، والله ما ينضجون كراعا «٦» ، ولا لهم زرع ولا ضرع»

، وخشيت أن تأكلهم الضّبع «٨» ، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاريّ، وقد شهد أبي الحديبية مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فوقف معها عمر ولم يمض، ثمّ قال: مرحبا بنسب قريب، ثمّ انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدّار فحمل عليه غرارتين «٩» ملأهما طعاما وحمل بينهما نفقة وثيابا، ثمّ ناولها بخطامه، ثمّ قال:

اقتاديه، فلن يفنى حتّى يأتيكم الله بخير. فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها، قال عمر: ثكلتك أمّك، والله إنّي لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه ثمّ أصبحنا نستفيء سهماننا منه «١٠» ) * «١١» .

٨-* (كان سعيد بن عمرو بن العاص ذا


(١) باخر رمق: باخر ما بقي فيه من حياة.
(٢) بلسان ملتاث: بلسان متعثر لا ينطق بطلاقة.
(٣) حياة الصحابة (٢/ ٢٠١) .
(٤) الهيثمي (٥/ ٢٩٨) وقال: رجال الطبراني رجال الصحيح، وابن سعد (٣/ ٢٧٥) ، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٣٦٧) - نحوه
(٥) أدب الدنيا والدين للماوردي (ص ٣٢٧) .
(٦) لا ينضجون كراعا: معناه أنهم لا يكفون أنفسهم معالجة ما يأكلونه.
(٧) ولا ضرع: أي ليس لهم ما يحلبونه.
(٨) وخشيت أن تأكلهم الضبع: أي السنة المجدبة، ومعنى تأكلهم أي تهلكهم.
(٩) الغرارة: كيس كبير ويسمى بلهجة عصرنا: الجوال.
(١٠) نستفيء سهماننا: نأخذ أنصباءنا من فيئه.
(١١) البخاري- الفتح ٧ (٤١٦٠) .