للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هشام، وأمية ابن خلف وابنه علي بن أمية وغيرهم كثير «١» . وقد بلغ عدد صرعى المشركين سبعين قتيلا، ومثلهم كان عدد الأسرى «٢» . وفر باقي مقاتلة المشركين لا يلوون على شيء. وتركوا أثقالهم وأموالهم في ميدان المعركة، وأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بأربعة وعشرين قتيلا من صناديد قريش فقذفوا في بعض آبار بدر «٣» .

أما شهداء المسلمين فقد دفنوا في أرض المعركة، وكان عددهم أربعة عشر شهيدا «٤» ، ولم يرد ما يشير إلى الصلاة عليهم ولم يدفن أحد منهم خارج بدر «٥» .

وقد ثبت من نصوص القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهرة، ومرويات عدد من الصحابة البدريين أن الله سبحانه وتعالى قد أمدّ الفئة المؤمنة بالنصر، وبأنه أمدهم بالملائكة الذين ثبّتوا الذين آمنوا فقاتلوا معهم، وأنه تعالى ألقى في قلوب الذين كفروا الرعب، قال تعالى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ «٦» . وقال تعالى: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ* بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ* وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ «٧» .

وأورد البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل وغيرهم عددا من الأحاديث الصحيحة التي تشير إلى مشاركة الملائكة في معركة بدر، وقيامهم بضرب المشركين وقتلهم «٨» .

وقد حصل خلاف بين المسلمين بعد المعركة بشأن الغنائم إذ لم يكن حكمها قد شرع حتى ذلك الوقت.

فنزلت سورة الأنفال: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ


(١) البخاري- الصحيح (فتح الباري ٤/ ٤٨٠، ٧/ ٢٩٣- ٩٦، ٣٢١) ، مسلم- الصحيح (بشرح النووي ١٢/ ٥٩- ٦٠) ، وابن كثير- البدآية ٣/ ٢٨٦، والهيثمي- مجمع الزوائد ٦/ ٧٩، وانظر: عن الشعار ابن هشام- السيرة/ ٦٣٤.
(٢) مسلم- الصحيح (بشرح النووي ١٢/ ٨٦- ٨٧) وقد صرع عدد منهم في مواضع كان النبي صلّى الله عليه وسلّم قد بينها لأصحابه قبل المعركة ذكرهم بأسمائهم. أحمد- المسند ١/ ٢٣٢ بإسناد صحيح.
(٣) البخاري- الصحيح (فتح الباري حديث ٣٩٧٦) ، مسلم- الصحيح ٤/ ٢٢٠٤ (حديث ٢٨٧٥) ، أحمد- المسند ١/ ٢٣٢ بإسناد صحيح، ابن هشام- السيرة ١/ ٣٣٩، الهيثمي- مجمع الزوائد ٦/ ٩١ نقلا عن الطبراني، وقال المؤلف: رجاله رجال الصحيح.
(٤) ابن هشام- السيرة ١/ ٤٢٨، ابن كثير- البدآية ٣/ ٣٢٧، وزاد ابن حجر عليهم اثنين آخرين، انظر: الإصابة ٣/ ٣٢٨، ٦٠٨.
(٥) وهذا هو السنّة في الشهداء.
(٦) القرآن الكريم- سورة الأنفال، الآية/ ١٢.
(٧) القرآن الكريم- سورة آل عمران، الآيات/ ١٢٣- ١٢٦.
(٨) البخاري- الصحيح (فتح الباري ١/ ٣١١- ٣١٢، ٧/ ٣١٢) ، مسلم- الصحيح (بشرح النووي ١٢/ ٨٥- ٨٦) ، أحمد- المسند ٢/ ١٩٤ بإسناد صحيح، الهيثمي- مجمع الزوائد ٦/ ٧٥- ٧٦، ابن كثير- البدآية ٣/ ٢٨٤. وأشار أكرم العمري في السيرة النبوية الصحيحة إلى أن بعض الكتاب المسلمين يتحاشون الإشارة إلى مشاركة الملائكة ببدر وهو يرى بأن «هذا من مظاهر الهزيمة أمام الفكر المادّي الذي لا يؤمن إلّا بالمحسوسات» في حين أن الإيمان برسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم يقتضي الإيمان بالملائكة (٢/ ٣٦٦) .