للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله قال: من عادى لي وليّا «١» فقد آذنته «٢» بالحرب. وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضته عليه. وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به، وبصره الّذي يبصر به، ويده الّتي يبطش بها، ورجله الّتي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذ بي لأعيذنّه. وما تردّدت عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن؛ يكره الموت، وأنا أكره مساءته» ) * «٣» .

٥-* (عن معقل بن يسار أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «العبادة في الهرج كهجرة إليّ «٤» » ) * «٥» .

٦-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال:

غاب عمّي أنس بن النّضر عن قتال بدر فقال: يا رسول الله! غبت عن أوّل قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرينّ الله ما أصنع. فلمّا كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال: اللهمّ إنّي أعتذر إليك ممّا صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك ممّا صنع هؤلاء، يعني المشركين. ثمّ تقدّم فاستقبله سعد ابن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ، الجنّة وربّ النّضر، إنّي أجد ريحها من دون أحد.

قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع. قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسّيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثّل به المشركون، فما عرفه أحد إلّا أخته ببنانه «٦» .

قال أنس: كنّا نرى- أو نظنّ- أنّ هذه الاية نزلت فيه وفي أشباهه: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ (الأحزاب/ ٢٣) إلى آخر


(١) من عادى لي وليا: المراد بولي الله العالم بالله المواظب على طاعته المخلص في عبادته. وقد استشكل وجود أحد يعاديه لأن المعاداة إنما تقع من الجانبين ومن شأن الولي الحلم والصفح عمن يجهل عليه، وأجيبب بأن المعاداة لم تنحصر في الخصومة والمعاملة الدنيوية مثلا، بل قد تقع عن بغض ينشأ عن التعصب كالرافضي في بغضه لأبي بكر، والمبتدع في بغضه للسني، فتقع المعاداة من الجانبين، أما من جانب الولي فلله تعالى وفي الله، وأما من جانب الآخر فلما تقدم، وكذا الفاسق المجاهر ببغضه الولي في الله وببغضه الآخر لإنكاره عليه ملازمته لنهيه عن شهواته. وقد تطلق المعاداة ويراد بها الوقوع من أحد الجانبين بالفعل ومن الآخر بالقوة، قال الكرماني: قوله «لي» هو في الأصل صفة لقوله «وليّا» لكنه لما تقدم صار حالا. وقال ابن هبيرة في الإفصاح: قوله «عادى لي وليا» أي اتخذه عدوا ولا أرى المعنى إلا أنه عاداه من أجل ولايته وهو وإن تضمن التحذير من إيذاء قلوب أولياء الله ليس على الإطلاق بل يستثنى منه ما إذا كانت الحال تقتضي نزاعا بين وليين في مخاصمة أو محاكمة ترجع إلى استخراج حق أو كشف غامض. فإنه جرى بين أبي بكر وعمر مشاجرة، وبين العباس وعلي، إلى غير ذلك من الوقائع:- فتح الباري (١١/ ٣٥٠) .
(٢) فقد آذنته: بالمد وفتح المعجمة بعدها نون أي أعلمته، والإيذان الإعلام، ومنه أخذ الأذان، فتح الباري (١١/ ٣٥٠) .
(٣) البخاري. انظر الفتح ١١ (٦٥٠٢) .
(٤) العبادة في الهرج كهجرة إلي: المراد بالهرج هنا الفتن واختلاط أمور الناس وأن أفرادا هم الذين يجاهدون أنفسهم على لزوم العبادة.
(٥) مسلم برقم (٢٩٤٨) .
(٦) البنان: أطراف الأصابع.