للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣-* (وعن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في تفسير قول الله عزّ وجلّ: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام/ ٧٩) ، نُورٌ عَلى نُورٍ (النور/ ٣٥) قال:

كذلك قلب المؤمن يعرف الله عزّ وجلّ ويستدلّ عليه بقلبه، فإذا عرفه ازداد نورا على نور، وكذا إبراهيم عليه السّلام عرف الله عزّ وجلّ بقلبه واستدلّ عليه بدلائله، فعلم أنّ له ربّا وخالقا، فلمّا عرّفه الله عزّ وجلّ بنفسه ازداد معرفة فقال أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ (الأنعام/ ٨٠)) * «١» .

٤-* (وعنه أيضا- رضي الله عنه-: أفضل العبادة الفقه في الدّين، والحقّ سبحانه وتعالى جعل الفقه صفة القلب فقال: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها (الأعراف/ ١٧٩) ، فلمّا فقهوا علموا، ولمّا علموا عملوا، ولمّا عملوا عرفوا، ولمّا عرفوا اهتدوا، فكلّ من كان أفقه كانت نفسه أسرع إجابة وأكثر انقيادا لمعالم الدّين وأوفر حظّا من نور اليقين، فالعلم جملة موهوبة من الله للقلوب والمعرفة تميّز تلك الجملة) * «٢» .

٥-* (قال عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه-: رحم الله تعالى صهيبا لو لم يخف الله لم يعصه، يعني لو كتب له كتاب الأمان من النّار حمله صرف «٣» المعرفة بعظيم أمر الله على القيام بواجب حقّ العبوديّة) * «٤» .

٦-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: اختصم رجلان، فدارت اليمين على أحدهما، فحلف بالله الّذي لا إله إلّا هو ما له عليه حقّ فنزل جبريل فقال: مره فليعطه حقّه، فإنّ الحقّ قبله، وهو كاذب، وكفّارة يمينه معرفته بالله أنّه لا إله إلّا هو، أو شهادته أنّه لا إله إلّا هو) * «٥» .

٧-* (قال البخاريّ: وباب قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «أنا أعلمكم بالله» وأنّ المعرفة فعل القلب لقول الله تعالى: وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ (البقرة/ ٢٢٥)) * «٦» .

٨-* (قال النّوويّ في شرح قوله صلّى الله عليه وسلّم «الإسلام أن تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصّلاة ... إلى آخره» : أمّا العبادة، فهي: الطّاعة مع خضوع، فيحتمل أن يكون المراد بالعبادة هنا: معرفة الله تعالى والإقرار بوحدانيّته، فعلى هذا يكون عطف الصّلاة والصّوم والزّكاة عليها لإدخالها في الإسلام.

فإنّها لم تكن دخلت في العبادة، وعلى هذا إنّما اقتصر على هذه الثّلاث لكونها من أركان الإسلام وأظهر شعائره والباقي ملحق بها) * «٧» .


(١) تفسير القرطبي ٧/ ٢١٩
(٢) إحياء علوم الدين وكتاب عوارف المعارف للسهروردي ص ٤٦ (ط. دار المعرفة، بيروت) .
(٣) صرف المعرفة: أي المعرفة الصّرفة بمعنى المعرفة المجرّدة.
(٤) إحياء علوم الدين وكتاب عوارف المعارف للسهروردي ص ٥٨ (ط. دار المعرفة، بيروت) .
(٥) المسند ١/ ٣٢٢، ونسخة الشيخ أحمد شاكر برقم (٢٩٥٩) ، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
(٦) الفتح ١/ ٨٨
(٧) صحيح مسلم في شرح الحديث رقم (٧) ص ١٩٦