للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وينهانا عمّا كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بالصّلاة، والصّدقة، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة. فقال لترجمانه حين قلت ذلك له: قل له إنّي سألتك عن نسبه فيكم، فزعمت أنّه ذو نسب، وكذا الرّسل تبعث في نسب قومها.

وسألتك هل قال أحد منكم، هذا القول قبله؟

فزعمت أن لا، فقلت: لو كان أحد منكم قال هذا القول قبله- قلت- رجل يأتمّ بقول قد قيل قبله.

وسألتك: هل كنتم تتّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت أن لا، فعرفت أنّه لم يكن ليدع الكذب على النّاس ويكذب على الله. وسألتك هل كان من آبائه من ملك؟ فزعمت أن لا، فقلت: لو كان من آبائه ملك قلت يطلب ملك آبائه، وسألتك أشراف النّاس يتّبعونه أم ضعفاؤهم؟ فزعمت أنّ ضعفاءهم اتّبعوه، وهم أتباع الرّسل، وسألتك: هل يزيدون أو ينقصون؟ فزعمت أنّهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتّى يتمّ، وسألتك هل يرتدّ أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فزعمت أن لا، فكذلك الإيمان حين تخلط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد. وسألتك: هل يغدر؟ فزعمت أن لا، وكذلك الرّسل لا يغدرون.

وسألتك هل قاتلتموه وقاتلكم؟ فزعمت أن قد فعل، وأنّ حربكم وحربه تكون دولا، ويدال عليكم المرّة وتدالون عليه الأخرى، وكذلك الرّسل تبتلى وتكون لها العاقبة. وسألتك بماذا يأمركم؟ فزعمت أنّه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وينهاكم عمّا كان يعبد آباؤكم، ويأمركم بالصّلاة، والصّدقة، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة. قال: وهذه صفة نبيّ قد كنت أعلم أنّه خارج، ولكن لم أعلم أنّه منكم، وإن يك ما قلت حقّا فيوشك أن يملك موضع قدميّ هاتين، ولو أرجو أن أخلص إليه لتجشّمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت قدميه ... الحديث) * «١» .

٦-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّ امرأة من جهينة جاءت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقالت: إنّ أمّي نذرت أن تحجّ فلم تحجّ حتّى ماتت، أفأحجّ عنها؟

قال: «نعم، حجّي عنها، أرأيت لو كان على أمّك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحقّ بالوفاء» ) * «٢» .

٧-* (عن عليّ بن الحسين: أنّهم حين قدموا المدينة، من عند يزيد بن معاوية، مقتل الحسين بن عليّ رضي الله عنهما- لقيه المسور بن مخرمة، فقال له:

هل لك إليّ من حاجة تأمرني بها؟. قال: فقلت له: لا.

قال له: هل أنت معطيّ سيف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فإنّي أخاف أن يغلبك القوم عليه. وايم الله؛ لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أبدا، حتّى تبلغ نفسي. إنّ عليّ ابن أبي طالب خطب بنت أبي جهل على فاطمة. فسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يخطب النّاس في ذلك، على منبره هذا، وأنا يومئذ محتلم، فقال: «إنّ فاطمة منّي. وإنّي


(١) البخارى- الفتح ٦ (٢٩٤١) واللفظ له. ومسلم (١٧٧٣) .
(٢) البخارى- الفتح ٤ (١٨٥٢) واللفظ له. ومسلم (١٣٣٤) نحوه.