للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره، فسلّمت عليه فقال: من هذه؟ فقلت: أنا أمّ هانىء بنت أبي طالب. فقال: «مرحبا بأمّ هانىء» ، فلمّا فرغ من غسله قام فصلّى ثمان ركعات ملتحفا في ثوب واحد. فقلت:

يا رسول الله، زعم ابن أمّي عليّ، أنّه قاتل رجلا قد أجرته؛ فلان ابن هبيرة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قد أجرنا من أجرت يا أمّ هانىء» ، قالت أمّ هانىء:

وذلك ضحى) * «١» .

٢٩-* (عن أبي جريّ جابر بن سليم، قال:

رأيت رجلا يصدر النّاس عن رأيه، لا يقول شيئا إلّا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قال: هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قلت: أنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: «أنا رسول الله الّذي إذا أصابك ضرّ فدعوته كشفه عنك، وإن أصابك عام سنة «٢» فدعوته أنبتها لك وإذا كنت بأرض قفراء أو فلاة فضلّت راحلتك فدعوته ردّها عليك» قلت: اعهد إليّ، قال: «لا تسبّنّ أحدا» قال:

فما سببت بعده حرّا ولا عبدا ولا بعيرا ولا شاة، قال:

«ولا تحقرنّ شيئا من المعروف، وأن تكلّم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك، إنّ ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف السّاق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإيّاك وإسبال الإزار، فإنّها من المخيلة «٣» ، وإنّ الله لا يحبّ المخيلة، وإن امرؤ شتمك وعيّرك بما يعلم فيك فلا تعيّره بما تعلم فيه، فإنّما وبال ذلك عليه» ) * «٤» .

٣٠-* (عن بريدة- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «العهد الّذي بيننا وبينهم الصّلاة، فمن تركها فقد كفر» ) * «٥» .

٣١-* (عن عبد الرّحمن بن عبد ربّ الكعبة قال: دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظلّ الكعبة. والنّاس مجتمعون عليه.

فأتيتهم. فجلست إليه. فقال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر. فنزلنا منزلا. فمنّا من يصلح خباءه. ومنّا من ينتضل «٦» ومنّا من هو في جشره «٧» إذ نادى منادي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الصّلاة جامعة «٨» . فاجتمعنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إنّه لم يكن نبيّ قبلي إلّا كان حقّا عليه أن يدلّ أمّته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم. وإنّ أمّتكم هذه جعل عافيتها في أوّلها. وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها. وتجيء فتنة فيرقّق بعضها بعضا «٩» ، وتجيء الفتنة، فيقول


(١) البخاري الفتح ٦ (٣١٧١) واللفظ له. ومسلم (٣٣٦) .
(٢) عام سنة: أي عام جدب.
(٣) المخيلة- بفتح الميم وكسر الخاء- والخال والخيل والخيلاء والخيلة كله الكبر.
(٤) أبو داود (٤٠٨٤) وقال الألباني: صحيح، والترمذي (٢٨٧٧) . وصححه ابن حبان رقم (١٢٢١) في الموارد، ومحقق جامع الأصول (١١/ ٧٤٦) .
(٥) الترمذي (٢٦٢١) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. والنسائي (١/ ٢٣١) وغيرهم وقال محقق الجامع (٥/ ٢٠٤) : وهو حديث صحيح.
(٦) ومنا من ينتضل: هو من المناضلة، وهي المراماة بالنشاب.
(٧) في جشره: قوم يخرجون بدوابهم إلى المرعى ويبيتون مكانهم ولا يأوون إلى البيوت.
(٨) الصلاة جامعة: هي بنصب الصلاة، على الإغراء. ونصب جامعة على الحال.
(٩) فيرقق بعضها بعضا: هذه اللفظة، رويت على أوجه: أحدها، وهو الذي نقله القاضي عن جمهور الرواة، يرقق أي يصير بعضها رقيقا أي خفيفا لعظم ما بعده، والثاني يجعل الأول رقيقا. وقيل معناه يشبه بعضه بعضا. وقيل: يدور بعضها في بعض ويذهب ويجيء. وقيل: معناه يسوق بعضها إلى بعض بتحسينها وتسويلها. والثاني: فيرفق. والثالث: فيدفق، أي يدفع ويصب. والدفق هو الصب.