للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمن: هذه مهلكتي. ثمّ تنكشف. وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه هذه. فمن أحبّ أن يزحزح عن النّار ويدخل الجنّة، فلتأته منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر. وليأت إلى النّاس الّذي يحبّ أن يؤتى إليه «١» .

ومن بايع إماما، فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع. فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» فدنوت منه فقلت له: أنشدك الله آنت سمعت هذا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه. وقال:

سمعته أذناي ووعاه قلبي. فقلت له: هذا ابن عمّك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل. ونقتل أنفسنا. والله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٤/ النساء/ ٢٩) . قال: فسكت ساعة ثمّ قال: «أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله) * «٢» .

٣٢-* (عن سليم بن عامر- رجل من حمير- قال: كان بين معاوية، وبين الرّوم عهد، وكان يسير نحو بلادهم، حتّى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجل على فرس أو برذون وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غدر، فنظروا فإذا عمرو بن عبسة، فأرسل إليه معاوية فسأله، فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشدّ عقدة، ولا يحلّها حتّى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء» فرجع معاوية) * «٣» .

٣٣-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم: يسعى بذمّتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، يردّ مشدّهم على مضعفهم، ومتسرّعهم على قاعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده» ) * «٤» .

٣٤-* (عن أبي بكر الصّدّيق- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من صلّى الصّبح، فهو في ذمّة الله. فلا تخفروا الله في عهده. فمن قتله، طلبه الله حتّى يكبّه في النّار على وجهه» ) * «٥» .

٣٥-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مرضه: «وددت أنّ عندي بعض أصحابي» قلنا: يا رسول الله، ألا ندعو لك أبا بكر؟

فسكت. قلنا: ألا ندعو لك عمر؟ فسكت. قلنا: ألا ندعو لك عثمان؟ قال: «نعم» فجاء، فخلا به، فجعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يكلّمه. ووجه عثمان يتغيّر. قال قيس:


(١) وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه: هذا من جوامع كلمه صلّى الله عليه وسلّم، وبديع حكمه. وهذه قاعدة مهمة، فينبغي الاعتناء بها. وإن الإنسان يلزم أن لا يفعل مع الناس إلا ما يحب أن يفعلوا معه.
(٢) مسلم (١٨٤٤) .
(٣) الترمذي (١٥٨٠) وقال: حديث حسن. وأبو داود (٢٧٥٩) واللفظ له وقال الألباني (٢٣٩٧) : صحيح. وعند أحمد (٤/ ١١٣) . وقال محقق «جامع الأصول» (٢/ ٦٤٨) : إسناده صحيح.
(٤) أبو داود (٢٧٥١) وقال الألباني (٢٣٩٠) : حسن صحيح. وقال محقق جامع الأصول (١٠/ ٢٥٥) : إسناده حسن.
(٥) الترمذي (٢١٦٤) و (٢٢٢) . وابن ماجه (٣٩٤٥) . وقال في الزوائد: رجال إسناده ثقات. إلا أنه منقطع. وسعد بن إبراهيم لم يدرك حابس بن سعد، قاله في التهذيب. وهو عند مسلم (٦٥٧) بلفظ آخر نحوه.