للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخيس بالعهد «١» ، ولا أحبس البرد، ولكن ارجع، فإن كان في نفسك، الّذي في نفسك الآن، فارجع» قال:

فذهبت، ثمّ أتيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأسلمت) * «٢» .

٣٩-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: بينما يهوديّ يعرض سلعته، أعطي بها شيئا كرهه، فقال: لا والّذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجل من الأنصار، فقام فلطم وجهه، وقال: تقول:

والّذي اصطفى موسى على البشر، والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بين أظهرنا؟ فذهب إليه فقال: أبا القاسم، إنّ لي ذمّة وعهدا، فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال: «لم لطمت وجهه؟» فذكره، فغضب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتّى رؤي في وجهه، ثمّ قال: «لا تفضّلوا بين أولياء الله، فإنّه ينفخ في الصّور فيصعق من في السّماوات ومن في الأرض إلّا من شاء الله، ثمّ ينفخ فيه أخرى فأكون أوّل من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطّور، أم بعث قبلي» ) * «٣» .

٤٠-* (عن المسور بن مخرمة ومروان- رضي الله عنهما- قالا: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زمن الحديبية، حتّى إذا كانوا ببعض الطّريق، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: إنّ خالد ابن الوليد بالغميم «٤» في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين. فو الله ما شعر بهم خالد حتّى إذا هم بقترة «٥» الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش، وسار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حتّى إذا كان بالثّنيّة الّتي يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال النّاس: حل حل «٦» .

فألحّت. فقالوا: خلأت القصواء «٧» . فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق. ولكن حبسها حابس الفيل «٨» . ثمّ قال: والّذي نفسي بيده لا يسألونني خطّة «٩» يعظّمون فيها حرمات الله إلّا أعطيتهم إيّاها. ثمّ زجرها فوثبت. قال: فعدل عنهم حتّى نزل بأقصى الحديبية على ثمد «١٠» قليل الماء يتبرّضه النّاس «١١» تبرّضا، فلم يلبّثه «١٢» النّاس حتّى نزحوه، وشكي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العطش؛ فانتزع سهما من كنانته، ثمّ أمرهم أن يجعلوه فيه، فو الله ما زال يجيش لهم بالرّيّ حتّى صدروا عنه «١٣» . فبينما هم كذلك، إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعيّ في نفر من قومه من خزاعة- وكانوا عيبة نصح «١٤» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من أهل تهامة- فقال: إنّي تركت كعب بن لؤيّ وعامر بن لؤيّ، نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم


(١) لا أخيس بالعهد: أي لا أنقضه.
(٢) أبو داود (٢٧٥٨) . وقال الألباني (٢٣٩٦) : صحيح.
(٣) البخاري الفتح ٦ (٣٤١٤) .
(٤) الغميم: موضع بين مكة والمدينة.
(٥) قترة: بفتحتين: الغبار الأسود.
(٦) حل حل: هو زجر الناقة للنهوض.
(٧) خلأت القصواء: حرنت من غير علة والقصواء: اسم لناقة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
(٨) حبسها حابس الفيل: أي حبسها الله عز وجل عن دخول مكة كما حبس الفيل عن دخولها.
(٩) خطّة: أي خصلة.
(١٠) ثمد: بفتحتين- أي حفيرة فيها ماء مثمود أي قليل.
(١١) يتبرضه الناس: أي يأخذون منه قليلا قليلا.
(١٢) لم يلبثه الناس: أي لم يتركوه يلبث أي يقيم.
(١٣) يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه: أي يفور بالماء حتى رجعوا.
(١٤) عيبة نصح رسول الله: أي موضع النصح له والأمانة على سره.