للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتب النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى هوذة بن علي الحنفي «١» كتابا أرسله مع سليط بن عمرو العامري، مقدمه من الحديبية، وقد اشترط هوذة الحنفي على الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد قراءته رسالته إليه أن يجعل له بعض الأمر معه، فرفض النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يقبل ذلك» .

وكتب النبي صلّى الله عليه وسلّم كتابا إلى المنذر بن ساوى العبدي، أمير البحرين، مع أبي العلاء الحضرمي «٣» بعد انصرافه من الحديبية، ونقلت المصادر التاريخية أن المنذر قد استجاب لكتاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأسلم، وأسلم معه جميع العرب بالبحرين، فأما أهل البلاد من اليهود والنصارى والمجوس فإنهم صالحوا العلاء والمنذر على الجزية من كل حالم دينار «٤» ، ونقل أبو عبيد القاسم بن سلام نص كتاب النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى المنذر بن ساوى برواية عروة بن الزبير، وجاء فيه: «سلام أنت، فإنّي أحمد إليك الله الّذي لا إله إلا هو، أمّا بعد: فإنّ من صلّى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الّذي له ذمّة الله وذمّة الرّسول، فمن أحبّ ذلك من المجوس فإنّه آمن ومن أبى فإنّ الجزية عليه» «٥» .

وفي ذي القعدة سنة ثمان من الهجرة بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم عمرو بن العاص بكتابه إلى جيفر وعبد ابني الجلندى الأزديين بعمان «٦» . وقد جاء فيه: «من محمّد النّبيّ رسول الله لعباد الله الأسبذيّين ملوك عمان، وأسد عمان «٧» ، ومن كان منهم بالبحرين إنّهم إن آمنوا وأقاموا الصّلاة، وآتوا الزّكاة وأطاعوا الله ورسوله وأعطوا حقّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ونسكوا نسك المؤمنين، فإنّهم آمنون وأنّ لهم ما أسلموا عليه، غير أنّ مال بيت النّار ثنيا لله ورسوله، وأنّ عشور التّمر صدقة، ونصف عشور الحبّ، وأنّ للمسلمين نصرهم ونصحهم، وأنّ لهم على المسلمين مثل ذلك، وأنّ لهم أرحاءهم يطحنون بها ما شاءوا» «٨» .


(١) وكان صاحب اليمامة، ومات بعد فتح مكة بقليل، الزيلعي- نصب الراية ٤/ ٤٢٥.
(٢) ذكر ابن سعد الخبر في طبقاته (١/ ٢٦٢) دون أن يذكر نصوص الرسائل المتبادلة، وانظر ابن سيد الناس- عيون الأثر ٢/ ٢٦٩- ٢٧٠، الزيلعي- نصب الراية ٤/ ٤٢٥، ابن طولون- إعلام السائلين ص/ ١٠٥- ١٠٧.
(٣) أوردها ابن سيد الناس- عيون الأثر ٢/ ٢٦٦- ٢٦٧، أبو عبيد القاسم- الأموال ص/ ٣٠ من رواية عروة بن الزبير مرسلا، وأرخه قدامة بن جعفر الكاتب البغدادي في السنة الثامنة للهجرة، ابن طولون- إعلام السائلين ص/ ٥٦- ٥٧ كما أورد ابن سعد في الطبقات ١/ ٢٦٣، طرفا منها، وانظر الزيلعي نصب الراية ١٤/ ٤٢٠، القلقشندي- صبح الأعشى ٦/ ٣٦٨، ابن الأثير- الكامل في التاريخ ٢/ ٢٦٥.
(٤) ابن الأثير- الكامل ٢/ ١٤٦- ١٤٧، ولم يورد نص رسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم إليه ولا جوابه وكذلك فعل ابن سيد الناس- عيون ٢/ ٢٦٦- ٢٦٧، وهناك روايات أخرى تشير إلى رسالة الرسول صلّى الله عليه وسلّم الأولى إلى المنذر، ولكنها مؤرخة في رجب سنة ٩ هـ منصرفه من تبوك انظر ابن طولون- إعلام السائلين ص/ ٥٨ من رواية الواقدي، وذكر ذلك الزيلعي- تخريج أحاديث الهداية ٤/ ٤١٩- ٤٢٠.
(٥) أبو عبيد- الأموال ص/ ٢٨.
(٦) ابن طولون- إعلام السائلين ص/ ٥٨، الزيلعي- تخريج أحاديث الهداية ٤/ ٤١٩- ٤٢٠، القلقشندي- صح ٦/ ٣٧٦.
(٧) أشد عمان: قبيلة، يقال لها أزد وأسد (بالزاي والسين) .
(٨) أبو عبيد- الأموال ص/ ٢٨- ٢٩، وانظر النص في البلاذري- فتوح ص/ ١/ ٩٦ من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما-، ونص فيه: «ولم تمجّسوا أولادكم، فلكم ما أسلمتم عليه، غير أن بيت النار
لله ورسوله، فإن أبيتم فعليكم الجزية» والمقصود هو أنّ خزائن بيوت النار التي ألغاها الإسلام تصبح فيئا.