للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٥-* (عن أبي إدريس الخولانيّ يقول:

سمعت حذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما- يقول:

كان النّاس يسألون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الخير، وكنت أسأله عن الشّرّ، مخافة أن يدركني. فقلت: يا رسول الله إنّا كنّا في جاهليّة وشرّ، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شرّ؟ قال: «نعم» ، فقلت: هل بعد ذلك الشّرّ من خير؟ قال: «نعم، وفيه دخن «١» » قلت:

وما دخنه؟ قال: «قوم يستنّون بغير سنّتي، ويهدون بغير هديي «٢» تعرف منهم وتنكر» . فقلت: هل بعد ذلك الخير من شرّ؟ قال: «نعم. دعاة على أبواب جهنّم «٣» . من أجابهم إليها قذفوه فيها» فقلت: يا رسول الله! صفهم لنا. قال: «نعم، قوم من جلدتنا، ويتكلّمون بألسنتنا» قلت: يا رسول الله! فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلّها، ولو أن تعضّ على أصل شجرة، حتّى يدركك الموت، وأنت على ذلك» ) * «٤» .

١٦-* (عن عبد الله- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحلّ دم امرىء مسلم «٥» ، يشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّي رسول الله، إلّا بإحدى ثلاث «٦» : الثّيّب الزّاني «٧» والنّفس بالنّفس «٨» والتّارك لدينه «٩» ، المفارق للجماعة» ) * «١٠» .

١٧-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: «لا يحلّ لرجل أن يفرّق بين اثنين إلّا بإذنهما» ) * «١١» .

١٨-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي


(١) دخن: قال أبو عبيد وغيره: الدخن أصله أن تكون في لون الدابة كدورة إلى سواد. قالوا: والمراد هنا، أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض، ولا يزول خبثها ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصفاء.
(٢) هديي: الهدي الهيئة والسيرة والطريقة.
(٣) دعاة على أبواب جهنم: قال العلماء: هؤلاء من كان من الأمراء يدعو إلى بدعة أو ضلال. كالخوارج والقرامطة وأصحاب المحنة. وفي حديث حذيفة هذا، لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، ووجوب طاعته، وإن فسق وعمل المعاصي من أخذ الأموال، وغير ذلك. فتجب طاعته في غير معصية. وفيه معجزات لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهي هذه الأمور التي أخبر بها وقد وقعت كلها.
(٤) البخاري- الفتح ٦ (٣٦٠٦) ومسلم (١٨٤٧) واللفظ له.
(٥) لا يحل دم امرىء مسلم: أي لا يحل إراقة دمه كله، وهو كناية عن قتله ولو لم يرق دمه.
(٦) إلا بإحدى ثلاث: أي علل ثلاث.
(٧) الزان: هكذا هو في النسخ: الزان من غير ياء بعد النون. وهي لغة صحيحة. قريء بها في السبع. كما في قوله تعالى: الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ. والأشهر في اللغة إثبات الياء في كل ذلك.
(٨) والنفس بالنفس: المراد به القصاص بشرطه.
(٩) والتارك لدينه المفارق للجماعة: عام في كل مرتد عن الإسلام بأي ردة كانت. فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام. قال العلماء: ويتناول أيضا كل خارج عن الجماعة ببدعة أو بغي أو غيرهما. وكذا الخوارج.
(١٠) البخاري- الفتح ١٢ (٦٨٧٨) ومسلم (١٦٧٦) واللفظ له.
(١١) أبو داود (٤٨٤٥) واللفظ له، وقال الألباني (٣/ ٩١٨) : حسن صحيح. وهو عند البخاري ٢ (٩١٠) .