للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع. فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» فدنوت منه فقلت له:

أنشدك الله! آنت سمعت هذا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟

فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه. وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي. فقلت له: هذا ابن عمّك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا والله يقول:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً «النساء/ ٢٩» . قال: فسكت ساعة ثمّ قال: أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله) * «١» .

٤-* (عن سليمان بن يسار، أنّ أبا سلمة بن عبد الرّحمن وابن عبّاس اجتمعا عند أبي هريرة. وهما يذكران المرأة تنفس «٢» بعد وفاة زوجها بليال. فقال ابن عبّاس عدّتها آخر الأجلين. وقال أبو سلمة قد حلّت. فجعلا يتنازعان ذلك. قال: فقال أبو هريرة:

أنا مع ابن أخي (أبي سلمة) فبعثوا كريبا (مولى ابن عبّاس) إلى أمّ سلمة يسألها عن ذلك؟ فجاءهم فأخبرهم أنّ أمّ سلمة قالت: إنّ سبيعة الأسلميّة نفست بعد وفاة زوجها بليال. وإنّها ذكرت ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأمرها أن تتزوّج) * «٣» .

٥-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونحن نتنازع في القدر فغضب حتّى احمرّ وجهه حتّى كأنّما فقيء في وجنته الرّمّان، فقال: «أبهذا أمرتم، أم بهذا أرسلت إليكم؟

إنّما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمت «٤» عليكم، عزمت عليكم ألّا تتنازعوا فيه» ) * «٥» .

٦-* (عن جندب بن مكيث الجهنيّ- رضي الله عنه- قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غالب بن عبد الله الكلبيّ- كلب ليث- إلى بني ملوّح بالكديد «٦» وأمره أن يغير عليهم. فخرج فكنت في سريّته فمضينا حتّى إذا كنّا بقديد به الحارث بن مالك وهو ابن البرصاء اللّيثيّ فأخذناه فقال: إنّما جئت لأسلم فقال غالب ابن عبد الله: إن كنت إنّما جئت مسلما فلن يضرّك رباط يوم وليلة وإن كنت على غير ذلك استوثقنا منك. قال:

فأوثقه رباطا ثمّ خلف عليه رجلا أسود كان معنا.

فقال: امكث معه حتّى نمرّ عليك فإن نازعك فاجتزّ «٧» رأسه. قال: ثمّ مضينا حتّى أتينا بطن الكديد فنزلنا عشيشة «٨» بعد العصر، فبعثني أصحابي في ربيئة «٩» فعمدت إلى تلّ يطلعني على الحاضر فانبطحت عليه ... الحديث» ) * «١٠» .


(١) مسلم ٣ (١٨٤٤) .
(٢) تنفس: أي تلد.
(٣) مسلم ٢ (١٤٨٥) .
(٤) عزمت عليكم: أي أقسمت عليكم.
(٥) سنن الترمذي ٤ (٢١٣٣) ، وقال محقق جامع الأصول (٢/ ٧٥٢) : الحديث حسن بشواهده وقال الترمذي: وفي الباب عن عمر وعائشة وأنس- رضي الله عنهم-.
(٦) الكديد: واد ذو تراب ناعم.
(٧) اجتز: أي اقتله.
(٨) عشيشة: هي تصغير كلمة عشية على غير قياس.
(٩) ربيئة: الربيئة: العين، والطليعة: الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو.
(١٠) المسند ٣ (٤٦٨) ، قال الهيثمي في المجمع (٦/ ٢٠٣) : وعند أبي داود طرف من أوله، ورواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات فقد صرح ابن اسحاق بالسماع في رواية الطبراني.