للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كيف قلت؟» قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفّر عنّي خطاياي؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نعم. وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر.

إلّا الدّين «١» ؛ فإنّ جبريل- عليه السّلام- قال لي ذلك» ) * «٢» .

١٠-* (عن جابر- رضي الله عنه- قال:

أوصاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعشر كلمات، قال: «لا تشرك بالله شيئا، وإن قتلت وحرّقت، ولا تعقّنّ والديك، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك، ولا تتركنّ صلاة مكتوبة متعمّدا؛ فإنّ من ترك صلاة مكتوبة متعمّدا، فقد برئت منه ذمّة الله، ولا تشربنّ خمرا؛ فإنّه رأس كلّ فاحشة، وإيّاك والمعصية؛ فإنّ بالمعصية حلّ سخط الله- عزّ وجلّ- وإيّاك والفرار من الزّحف، وإن هلك النّاس، إذا أصاب النّاس موتان «٣» وأنت فيهم فاثبت، وأنفق على عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدبا، وأخفهم في الله» ) * «٤» .

١١-* (عن عطاء يزعم «٥» أنّ أبا العبّاس أخبره أنّه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- يقول: بلغ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّي أصوم أسرد «٦» ، وأصلّي اللّيل. فإمّا أرسل إليّ وإمّا لقيته. فقال: «ألم أخبر أنّك تصوم ولا تفطر، وتصلّي اللّيل؟ فلا تفعل، فإنّ لعينك حظّا، ولنفسك حظّا، ولأهلك حظّا، فصم وأفطر، وصلّ ونم، وصم من كلّ عشرة أيّام يوما، ولك أجر تسعة» قال: إنّي أجدني أقوى من ذلك يا نبيّ الله قال: «فصم صيام داود (عليه السّلام) » قال: وكيف كان داود يصوم يا نبيّ الله؟ قال: «كان يصوم يوما ويفطر يوما، ولا يفرّ إذا لاقى» قال: من لي بهذه يا نبيّ الله؟ (قال عطاء: فلا أدري كيف ذكر صيام الأبد) فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا صام من صام الأبد «٧» ، لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد» ) * «٨» .

١٢-* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: جعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على الرّجّالة يوم أحد عبد الله بن جبير، وأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرّسول في أخراهم) * «٩» .


(١) إلا الدين: فيه تنبيه على جميع حقوق الآدميين. وأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر، لا يكفر حقوق الآدميين، وإنما يكفر حقوق الله تعالى.
(٢) مسلم (١٨٨٥) .
(٣) الموتان بفتح الميم والواو: الموت الكثير الوقوع وهو ما يحدث في الأوبئة.
(٤) أحمد (٥/ ٢٣٨) واللفظ له وذكره الهيثمي في المجمع (٤/ ٢١٥) وقال: رجال أحمد ثقات، إلا أن عبد الرحمن بن جبير لم يسمع من معاذ، ورواه الطبراني في الكبير، وأخرجه المنذري في الترغيب (١/ ٣٨٣) وقال نحو قول الهيثمي.
(٥) يزعم: أي يقول: وقد كثر الزعم بمعنى القول.
(٦) أسرد: من سرد الشيء بمعنى تابعه ووالاه.
(٧) لا صام من صام الأبد: قال الإمام النووي: أجابوا عن حديث «لا صام من صام الأبد» بأجوبة: أحدها: أنه محمول على حقيقته بأن يصوم معه العيدين والتشريق. وبهذا أجابت عائشة. رضي الله عنها. والثاني: أنه محمول على من تضرر به أو فوت به حقّا. والثالث: أن معنى لا صام: أنه لا يجد من مشقته ما يجدها غيره. فيكون إخبارا، لا دعاء.
(٨) البخاري- الفتح ٤ (١٩٧٧) . ومسلم (١١٥٩) واللفظ له.
(٩) البخاري- الفتح ٧ (٤٠٦٧)