للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها، قال: فرجع البراء إلى قبلة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فصلّى معنا إلى الشام. قال: وأهله يزعمون أنّه صلّى إلى الكعبة حتّى مات وليس ذلك كما قالوا، نحن أعلم به منهم. قال: وخرجنا إلى الحجّ فواعدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العقبة من أوسط أيّام التشريق فلمّا فرغنا من الحجّ، وكانت الليلة الّتي وعدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعنا عبد الله بن عمرو ابن حرام أبو جابر، سيّد من سادتنا وكنّا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلّمناه وقلنا له: يا أبا جابر إنّك سيّد من سادتنا وشريف من أشرافنا، وإنّا نرغب بك عمّا أنت فيه أن تكون حطبا للنّار غدا، ثمّ دعوته إلى الإسلام وأخبرته بميعاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبا قال: فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتّى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنتسلّل مستخفين تسلّل القطا حتّى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن سبعون رجلا ومعنا امرأتان من نسائهم نسيبة بنت كعب أمّ عمارة إحدى نساء بني مازن بن النجّار وأسماء بنت عمرو بن عديّ بن ثابت إحدى نساء بني سلمة وهي أمّ منيع، قال: فاجتمعنا بالشّعب ننتظر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى جاءنا ومعه يومئذ عمّه العبّاس بن عبد المطّلب وهو يومئذ على دين قومه إلّا أنّه أحبّ أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثّق له، فلمّا جلسنا كان العبّاس بن عبد المطّلب أوّل متكلّم فقال:

يا معشر الخزرج- قال: وكانت العرب ممّا يسمّون هذا الحيّ من الأنصار الخزرج، أوسها وخزرجها- إنّ محمّدا منّا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ممّن هو على مثل رأينا فيه وهو في عزّ من قومه ومنعة في بلده. قال: فقلنا قد سمعنا ما قلت فتكلّم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربّك ما أحببت. قال: فتكلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فتلا ودعا إلى الله- عزّ وجلّ- ورغّب في الإسلام، قال: «أبايعكم على أن تمنعوني ممّا تمنعون منه نساءكم وأبناءكم» قال: فأخذ البراء بن معرور بيده ثمّ قال: نعم. والّذي بعثك بالحقّ لنمنعنّك ممّا نمنع منه أزرنا، فبايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنحن أهل الحروب وأهل الحلقة، ورثناها كابرا عن كابر قال: فاعترض القول والبراء يكلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبو الهيثم بن التّيهان حليف بني عبد الأشهل فقال: يا رسول الله إنّ بيننا وبين الرجال حبالا وإنّا قاطعوها- يعني العهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثمّ أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ قال: فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قال: «بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم، وأنتم منّي، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم» وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لى: «أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم» فأخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيبا، منهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس، وأمّا معبد ابن كعب فحدّثني في حديثه عن أخيه عن أبيه كعب ابن مالك قال: كان أوّل من ضرب على يد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم البراء بن معرور، ثمّ تتابع القوم، فلمّا بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صرخ الشيطان من رأس العقبة بأبعد صوت سمعته قطّ: يأهل الجباجب- والجباجب المنازل- هل لكم في مذمّم والصباة معه قد أجمعوا على حربكم؟ قال عليّ:- يعني ابن إسحاق- ما يقول