للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تسعة وتسعين نفسا. فهل لي من توبة؟ قال: بعد تسعة وتسعين نفسا! قال: فانتضى «١» سيفه فقتله. فأكمل به المائة. ثمّ عرضت له التّوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض. فدلّ على رجل. فأتاه فقال: إنّي قتلت مائة نفس، فهل لي من توبة؟ قال: فقال: ويحك! ومن يحول بينك وبين التّوبة؟ اخرج من القرية الخبيثة الّتي أنت فيها، إلى القرية الصّالحة، قرية كذا وكذا. فاعبد

ربّك فيها. فرجع يريد القرية الصّالحة، فعرض له أجله في الطّريق. فاختصمت فيه ملائكة الرّحمة وملائكة العذاب. قال إبليس: أنا أولى به، إنّه لم يعصني ساعة قطّ. قال: فقالت ملائكة الرّحمة: إنّه خرج تائبا. قال:

فبعث الله عزّ وجلّ ملكا فاختصموا إليه ثمّ رجعوا.

فقال: انظروا أيّ القريتين كانت أقرب، فألحقوه بأهلها. قال: لمّا حضره الموت احتفز بنفسه «٢» فقرب من القرية الصّالحة، وباعد منه القرية الخبيثة. فألحقوه بأهل القرية الصّالحة» ) * «٣» .

٧-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أمرت بقرية تأكل القرى «٤» ، يقولون: يثرب، وهي المدينة «٥» ، تنفي النّاس كما ينفي الكير خبث الحديد» ) * «٦» .

٨-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- أنّه قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلّي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلمّا رأى القوم ألقوا نعالهم، فلمّا قضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلاته قال: ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟» قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ جبريل صلّى الله عليه وسلّم أتاني فأخبرني أنّ فيهما خبثا وقال: «إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر. فإن رأى في نعليه خبثا أو أذى فليمسحه وليصلّ فيهما» ) * «٧» .

٩-* (عن أبي كبشة الأنماريّ- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاثة أقسم عليهنّ وأحدّثكم حديثا فاحفظوه. قال: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلّا زاده الله عزّا، ولا فتح عبد باب مسألة إلّا فتح الله عليه باب فقر- أو كلمة نحوها- وأحدّثكم حديثا فاحفظوه، قال: إنّما الدّنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتّقي فيه ربّه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقّا فهذا بأفضل المنازل. وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه


(١) فانتضى سيفه: أي أخرجه من غمده.
(٢) احتفز بنفسه: أي دفع نفسه.
(٣) الحديث في الصحيحين: البخاري- الفتح ٦ (٣٤٧٠) . ومسلم (٢٧٦٦) . وابن ماجة (٢٦٢٢) واللفظ له.
(٤) أمرت بقرية تأكل القرى: معناه أمرت بالهجرة إليها واستيطانها. ومعنى أكلها القرى أنها مركز الإسلام في أول الأمر أو أن أكلها وميرتها تكون من القرى المنفتحة وإليها تساق غنائمها.
(٥) يقولون يثرب وهي المدينة: يعني أن بعض الناس يسمونها يثرب وإنما اسمها المدينة، وطابة وطيبة، ففي هذا كراهة تسميتها يثرب.
(٦) البخاري- الفتح ٤ (١٨٧١) . ومسلم (١٣٨٢) .
(٧) أبو داود (٦٥٠- ٦٥١) واللفظ له، وهو في رقم (٦٥١) بلفظ الخبث في الموضعين، وفي (٦٥٠) بلفظ القذر، وأحمد (٣/ ٢٠) ، والرواية التي فيها (الخبث) قال المنذري في مختصر أبي داود مرسلة (١/ ٣٢٨) ، وانظر مجمع الزوائد فقد ذكر له شواهد كثيرة (٢/ ٥٣- ٥٦) بتقديمها.