للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: لا أحدّثك إلّا ما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جاءه صاحب نخله بصاع من تمر طيّب- وكان تمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذا اللّون- «١» فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أنّى لك هذا؟» قال: انطلقت بصاعين فاشتريت به هذا الصّاع. فإنّ سعر هذا في السّوق كذا. وسعر هذا كذا.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ويلك أربيت. إذا أردت ذلك فبع تمرك بسلعة. ثمّ اشتر بسلعتك أيّ تمر شئت» .

قال أبو سعيد: فالتّمر بالتّمر أحقّ أن يكون ربا أم الفضّة بالفضّة «٢» ؟ قال: فأتيت ابن عمر بعد فنهاني. ولم آت ابن عبّاس. قال: فحدّثني أبو الصّهباء أنّه سأل ابن عبّاس عنه بمكّة، فكرهه) * «٣» .

١٣-* (عن أبي صالح قال: سمعت أبا سعيد الخدريّ يقول: الدّينار بالدّينار، والدّرهم بالدّرهم، مثلا بمثل. من زاد أو ازداد فقد أربى.

فقلت له: إنّ ابن عبّاس يقول غير هذا. فقال: لقد لقيت ابن عبّاس. فقلت: أرأيت هذا الّذي تقول أشيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو وجدته في كتاب الله- عزّ وجلّ-؟ فقال: لم أسمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

ولم أجده في كتاب الله، ولكن حدّثني أسامة بن زيد أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «الرّبا في النّسيئة «٤» » ) * «٥» .

١٤-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الرّبا» ) * «٦» .

١٥-* (عن سمرة بن جندب- رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعني ممّا يكثر أن يقول لأصحابه «هل رأى أحد منكم من رؤيا؟» . قال:

فيقصّ عليه ما شاء الله أن يقصّ، وإنّه قال لنا ذات غداة: «إنّه أتاني اللّيلة آتيان، وإنّهما ابتعثاني، وإنّهما قالا لي: انطلق، وإنّي انطلقت معهما، وإنّا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصّخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر هاهنا، فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتّى يصحّ رأسه كما كان، ثمّ يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل به المرّة الأولى، قال: قلت لهما: سبحان الله ما هذان؟

قال: قالا لي: انطلق، انطلق. فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلّوب من حديد وإذا هو يأتي أحد شقّي وجهه ليشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، قال:- وربّما قال أبو رجاء فيشقّ- قال: ثمّ يتحوّل إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأوّل فما يفرغ من ذلك


(١) هذا اللون: أي هذا النوع.
(٢) فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا أم الفضة بالفضة؟: هذا استدلال بطريق نظريّ. ألحق الفرع- الذي هو الفضة بالفضة- بالأصل الذي هو التمر بالتمر بطريق أحرى. وهو أقوى طرق القياس. ولذا قال به أكثر منكري القياس. وإنما ذكر أبو سعيد هذا الطريق من الاستدلال، لأنه لم يحضره شيء من أحاديث النهي. وإلا، فالأحاديث أقوى في الاستدلال لأنها نص.
(٣) مسلم (١٥٩٤) .
(٤) ولعل هذا كان في أول الأمر ثم حرم سائر أنواعه.
(٥) مسلم (١٥٩٦) .
(٦) الحاكم في المستدرك (٢/ ٤٥) وصححه ووافقه الذهبي.