للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الرّحمن، إنّي أصوغ الذّهب فأبيعه بالذّهب بأكثر من وزنه فأستفضل قدر عمل يدي (في صنعته) فنهاه عن ذلك. فجعل الصّائغ يردّد عليه المسألة- وابن عمر ينهاه- حتّى انتهى إلى باب المسجد، أو إلى دابّته يريد أن يركبها، فقال له آخر ما قال: الدّينار بالدّينار، والدّرهم بالدّرهم، لا فضل بينهما هذا عهد نبيّنا إلينا وعهدنا إليكم» ) * «١» .

٨-* (روى أحمد بإسناد جيّد عن كعب الأحبار قال: «لأن أزني ثلاثا وثلاثين زنية أحبّ إليّ من أن آكل درهم ربا يعلم الله أنّي أكلته حين أكلته ربا» ) * «٢» .

٩-* (قال قتادة: «إنّ آكل الرّبا يبعث يوم القيامة مجنونا، وذلك علم أي: علامة لأكلة الرّبا يعرفهم به أهل الموقف» ) * «٣» .

١٠-* (عن عبيد أبي صالح مولى السّفّاح قال: بعت بزّا لي من أهل دار نخلة إلى أجل، ثمّ أردت الخروج إلى الكوفة، فعرضوا عليّ أن أضع عنهم بعض الثّمن وينقدوني، فسألت زيد بن ثابت فقال: «لا آمرك أن تأكل هذا ولا توكله» ) * «٤» .

١١-* (سئل شيخ الإسلام ابن تيميّة- رحمه الله-: عن رجل تداين دينا فدخل به السّوق فاشترى شيئا بحضرة الرّجل، ثمّ باعه عليه بفائدة هل يجوز ذلك أم لا؟.

فأجاب: الحمد لله. هذا على ثلاثة أوجه:

الأوّل: أن يكون بينهم مواطأة لفظيّة، أو عرفيّة، على أن يشتري السّلعة من ربّ الحانوت فهذا لا يجوز.

والثّاني: أن يشتريها منه على أن يعيدها إليه.

فهذا أيضا لا يجوز. فقد دخلت أمّ ولد زيد بن أرقم على عائشة فقالت: يا أمّ المؤمنين، إنّي ابتعت من زيد ابن أرقم غلاما إلى العطاء بثمانمائة درهم نسيئة، ثمّ ابتعته منه بستّمائة نقدا، فقالت لها عائشة: بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت. أخبري زيدا أنّه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلّا أن يتوب. وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الرّبا» وسئل ابن عبّاس عن ذلك فقال: «دراهم بدراهم دخلت بينهما حريريّة، وقال أنس بن مالك: هذا ممّا حرّم الله ورسوله.

والوجه الثّالث: أن يشتري السّلعة سرّا، ثمّ يبيعها للمستدين بيانا فيبيعها أحدهما فهذه تسمّى «التّورّق» . لأنّ المشتري ليس غرضه في التّجارة، ولا في البيع. ولكن يحتاج إلى دراهم، فيأخذ مائة، ويبقى عليه مائة وعشرون مثلا. فهذا قد تنازع فيه السّلف والعلماء. والأقوى أيضا أنّه منهيّ عنه، كما قال عمر ابن عبد العزيز ما معناه: أنّ التّورّق أصل الرّبا. فإنّ الله حرّم أخذ دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل؛ لما في


(١) الموطأ (٢/ ٤٩٢) وقال محقق جامع الأصول (١/ ٥٦٠) : إسناده صحيح، وأخرج النسائي (٧ (٢٧٨) المسند منه.
(٢) ذكره المنذري في الترغيب (٣ (٧) .
(٣) الزواجر عن اقتراف الكبائر (٣٠٠) .
(٤) أخرجه الموطأ (٢/ ٥١٩) .