للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال:" اجتمع عند البيت قرشيّان وثقفيّ أو ثقفيّان وقرشيّ كثيرة شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم.

فقال أحدهم: أترون أنّ الله يسمع ما نقول؟ قال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فإنّه يسمع إذا أخفينا.

فأنزل الله- عزّ وجلّ-: وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (فصلت/ ٢٢)) * «١» .

٤-* (عن عائذ بن عمرو- رضي الله عنه- وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دخل على عبيد الله ابن زياد. فقال: «أي بنيّ، إنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ شرّ الرّعاء الحطمة «٢» . فإيّاك أن تكون منهم» فقال له: اجلس. فإنّما أنت من نخالة «٣» أصحاب محمّد صلّى الله عليه وسلّم. فقال: وهل كانت لهم نخالة؟

إنّما كانت النّخالة بعدهم، وفي غيرهم» ) * «٤» .

٥-* (عن سعيد بن المسيّب قال: «كتب إليّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنّنّ بكلمة خرجت من امرىء مسلم شرّا، وأنت تجد لها في الخير محملا، ومن عرّض نفسه للتّهم فلا يلومنّ إلّا نفسه، ومن كتم سرّه كانت الخيرة في يده، وما كافيت من عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله تعالى فيه» ) * «٥» .

٦-* (عن عثمان بن موهب قال:" جاء رجل من أهل مصر وحجّ البيت، فرأى قوما جلوسا فقال:

من هؤلاء القوم؟. فقالوا: هؤلاء قريش. قال: فمن الشّيخ فيهم؟ قالوا: عبد الله بن عمر. قال: يا بن عمر، إنّي سائلك عن شيء فحدّثني عنه: هل تعلم أنّ عثمان فرّ يوم أحد؟ قال: نعم. فقال: تعلم أنّه تغيّب عن بدر ولم يشهد؟ قال: نعم. قال الرّجل: هل تعلم أنه تغيّب عن بيعة الرّضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم.

قال: الله أكبر. قال ابن عمر: تعال أبيّن لك. أمّا فراره يوم أحد فأشهد أنّ الله عفا عنه وغفر له. وأمّا تغيّبه عن بدر فإنّه كانت تحته بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكانت مريضة، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ لك أجر رجل ممّن شهد بدرا وسهمه» . وأمّا تغيّبه عن بيعة الرّضوان فلو كان أحد أعزّ ببطن مكّة من عثمان لبعثه مكانه، فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عثمان، وكانت بيعة الرّضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكّة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده اليمنى: «هذه يد عثمان. فضرب بها على يده فقال:

هذه لعثمان، فقال له ابن عمر: اذهب بها الآن معك» ) * «٦» .


(١) البخاري- الفتح ٨ (٤٨١٧) .
(٢) إن شر الرعاء الحطمة: الحطمة هو العنيف برعاية الإبل في السوق والإيراد والإصدار. يلقي بعضها على بعض ويعسفها. ضربه مثلا لوالي السوء.
(٣) نخالة: أي لست من فضلائهم وعلمائهم. والنخالة هنا: استعارة من نخالة الدقيق.
(٤) مسلم (١٨٣٠) .
(٥) شعب الإيمان، للبيهقي (٣/ ١٥٠) .
(٦) البخاري- الفتح ٧ (٣٦٩٨) .