للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعجمهم، إلّا بقايا من أهل الكتاب. وقال: إنّما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك «١» . وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان، وإنّ الله أمرني أن أحرّق قريشا. فقلت: ربّ إذا يثلغوا «٢» رأسي فيدعوه خبزة.

قال: استخرجهم كما استخرجوك. واغزهم نغزك «٣» ، وأنفق فسننفق عليك، وابعث جيشا نبعث خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك. قال: وأهل الجنّة ثلاثة: ذو سلطان مقسط «٤» متصدّق موفّق. ورجل رحيم رقيق القلب لكلّ ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفّف ذو عيال. قال: وأهل النّار خمسة: الضّعيف الّذي لا زبر له «٥» ، الّذين هم فيكم تبعا لا يتبعون «٦» أهلا ولا مالا. والخائن الّذي لا يخفى له طمع وإن دقّ «٧» إلّا خانه. ورجل لا يصبح ولا يمسي إلّا وهو يخادعك عن أهلك ومالك» . وذكر البخل أو الكذب، «والشّنظير «٨» الفحّاش» ) * «٩» .

٧-* (عن عبادة بن الصّامت- رضي الله عنه- وكان شهد بدرا- وهو أحد النّقباء ليلة العقبة- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال- وحوله عصابة من أصحابه:

بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم «١٠» ولا تعصوا في معروف. فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدّنيا فهو كفّارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثمّ ستره الله فهو إلى الله: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه. فبايعناه على ذلك» ) * «١١» .

٨-* (عن لقيط بن عامر أنّه خرج وافدا إلى


(١) أبتليك وأبتلى بك: معناه: لأمتحنك بما يظهر من قيامك بما أمرتك من تبليغ الرسالة، والجهاد، والصبر وغير ذلك وأمتحن من أرسلتك إليهم فمنهم من يؤمن ومنهم من يعرض، ومنهم من ينافق.
(٢) يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة: معناه يكسروه كما يكسر الخبز.
(٣) أغزهم نغزك: بادرهم بالغزو- وهو الحرب- ننصرك عليهم.
(٤) مقسط: عادل.
(٥) لا زبر له: أي لا عقل له يمنعه عمّا لا ينبغي وقيل هو الذي لا مال له.
(٦) لا يتبعون: من الاتباع. قال النووي: وفي بعض النسخ لا يبتغون أي لا يطلبون والظاهر أن هذا هو الصحيح بدليل ما بعده وهو قوله (أهلا ولا مالا) فهذا اللون من الناس من ضعاف الهمم الذين تقعد بهم عزائمهم عن أن يكون لهم مال أو أهل أو غير ذلك مما يدعوه إلى التفكير في الحياة ومقتضياتها فيكون لهم رأي مستقل في شؤونها ومجريات أحداثها.
(٧) لا يخفي له ... وإن دق: قال النووي: لا يخفى: لا يظهر ونقل عن أهل اللغة أنه يقال: خفيت الشيء إذا أظهرته، وأخفيته إذا سترته وكتمته.. وعليه فقوله عليه السلام لا يخفى له طمع معناه: لا يظهر له طمع أي شيء هو موضع طمع وإن قل.
(٨) الشنظير: بكسر الشين والظاء وإسكان النون. هو الفحّاش- كما فسره الحديث والفحاش هو السيىء الخلق.
(٩) مسلم (٢٨٦٥) .
(١٠) ببهتان: البهتان: الكذب الذي يبهت سامعه وخص الأيدي والأرجل بالافتراء لأن معظم الأفعال تقع بهما.
(١١) البخاري- الفتح ١ (١٨) ، ومسلم (١٧٠٩) .