للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيضرب به أباه. قال: فضنّ الرّجل بأبيه، ونفذت القضيّة فلمّا فرغا من الكتاب وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلّي في الحرم وهو مضطرب في الحلّ قال: فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا أيّها النّاس انحروا واحلقوا» . قال:

فما قام أحد. قال: ثمّ عاد بمثلها فما قام رجل حتّى عاد بمثلها فما قام رجل، فرجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل على أمّ سلمة فقال: «يا أمّ سلمة ما شأن النّاس؟» . قالت:

يا رسول الله قد دخلهم ما قد رأيت فلا تكامن منهم إنسانا. واعمد إلى هديك حيث كان فانحره واحلق فلو قد فعلت ذلك فعل النّاس ذلك. فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يكلّم أحدّا حتّى أتى هديه فنحره، ثمّ جلس فحلق فقام النّاس ينحرون ويحلقون. قال:

حتّى إذا كان بين مكّة والمدينة في وسط الطّريق فنزلت سورة الفتح» ) * «١» .

١٠-* (عن بريدة- رضي الله عنه- قال:

كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أمّر أميرا على جيش أو سريّة «٢» ، أوصاه في خاصّته «٣» بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا. ثمّ قال: «اغزوا باسم الله في سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلّوا «٤» ، ولا تغدروا «٥» ، ولا تمثّلوا «٦» ، ولا تقتلوا وليدا «٧» ، وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال) .

فأيّتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. ثمّ ادعهم إلى الإسلام «٨» ، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنّهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين. فإن أبوا أن يتحوّلوا منها فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الّذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلّا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن هم أبوا فسلهم الجزية. فإن هم أجابوك فاقبل منهم، وكفّ عنهم. فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمّة الله «٩» وذمّة نبيّه فلا تجعل لهم ذمّة الله ولا ذمّة نبيّه، ولكن اجعل لهم ذمّتك وذمّة أصحابك، فإنّكم أن تخفروا «١٠» ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمّة الله وذمّة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن


(١) أحمد (٤/ ٣٢٣، ٢٢٤، ٢٢٥، ٢٢٦) واللفظ له. وأصله عند البخاري الفتح ٧ (٤١٨٠) وعند مسلم (١٨٠٧) من حديث سلمة بن الأكوع.
(٢) سرية: وهي قطعة من الجيش تخرج منه تغير وتعود إليه. قال إبراهيم الحربي: هي الخيل تبلغ أربعمائة ونحوها. قالوا: سميت سرية لأنها تسري في الليل ويخفى ذهابها. وهي فعيلة بمعنى فاعلة. يقال: سرى وأسرى، إذا ذهب ليلا.
(٣) في خاصته: أي في حق نفس ذلك الأمير خصوصا.
(٤) ولا تغلوا: من الغلول. ومعناه الخيانة في الغنم. أي لا تخونوا في الغنيمة.
(٥) ولا تغدروا: أي ولا تنقضوا العهد.
(٦) ولا تمثلوا: أي لا تشوهوا القتلى بقطع الأنوف والآذان.
(٧) وليدا: أي صبيا، لأنه لا يقاتل.
(٨) ثم ادعهم إلى الإسلام: هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم: ثم ادعهم. قال القاضي عياض رحمه الله: صواب الرواية: ادعهم، بإسقاط ثم. وقد جاء بإسقاطها على الصواب في كتاب أبي عبيد وفي سنن أبي داود وغيرهما لأنه تفسير للخصال الثلاث، وليست غيرها. وقال المازريّ: ليست ثم، هنا زائدة. بل دخلت لاستفتاح الكلام والأخذ.
(٩) ذمة الله: الذمة، هنا، العهد.
(١٠) أن تخفروا: يقال: أخفرت الرجل إذا نقضت عهده. وخفرته أمنته وحميته.