للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيدعوه خبزة. قال: استخرجهم كما استخرجوك.

واغزهم نغزك «١» ، وأنفق فسننفق عليك وابعث جيشا نبعث خمسة مثله. وقاتل بمن أطاعك من عصاك.

قال: وأهل الجنّة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدّق موفّق. ورجل رحيم رقيق القلب لكلّ ذي قربى، ومسلم. وعفيف متعفّف ذو عيال. قال: وأهل النّار خمسة: الضّعيف الّذي لا زبر له «٢» ، الّذين هم فيكم تبعا لا يتبعون أهلا ولا مالا. والخائن الّذي لا يخفى له طمع. وإن دقّ إلّا خانه. ورجل لا يصبح ولا يمسي إلّا وهو يخادعك عن أهلك ومالك» . وذكر البخل أو الكذب، «والشّنظير «٣» الفحّاش» ) * «٤» .

٢٢-* (عن المقداد- رضي الله عنه- قال:

أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد «٥» . فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فليس أحد منهم يقبلنا «٦» . فأتينا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فانطلق بنا إلى أهله. فإذا ثلاثة أعنز، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «احتلبوا هذا اللّبن بيننا» قال: فكنّا نحتلب، فيشرب كلّ إنسان منّا نصيبه. ونرفع للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نصيبه، قال: فيجيء من اللّيل، فيسلّم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان. قال: ثمّ يأتي المسجد، فيصلّي، ثمّ يأتي شرابه فيشرب، فأتاني الشّيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي فقال: محمّد يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم. ما به حاجة إلى هذه الجرعة «٧» .

فأتيتها فشربتها. فلمّا أن وغلت «٨» في بطني، وعلمت أنّه ليس إليها سبيل. قال: ندّمني الشّيطان، فقال:

ويحك! ما صنعت؟ أشربت شراب محمّد؟ فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك. فتذهب دنياك وآخرتك.

وعليّ شملة إذا وضعتها على قدميّ خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي. وجعل لا يجيئني النّوم، وأمّا صاحباي فناما، ولم يصنعا ما صنعت.

قال: فجاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسلّم كما كان يسلّم، ثمّ أتى المسجد فصلّى، ثمّ أتى شرابه فكشف عنه، فلم يجد فيه شيئا. فرفع رأسه إلى السّماء فقلت: الآن يدعو عليّ فأهلك فقال «اللهمّ أطعم من أطعمني، وأسق من أسقاني» قال: فعمدت إلى الشّملة فشددتها عليّ وأخذت الشّفرة، فانطلقت إلى الأعنز أيّها أسمن فأذبحها لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا هي حافلة «٩» وإذا هنّ حفّل كلّهنّ، فعمدت إلى إناء لآل


(١) نغزك: أى نعينك.
(٢) لا زبر له: أي لا عقل له يزبره ويمنعه مما لا ينبغي.
(٣) الشنظير: وهو السيء الخلق.
(٤) مسلم (٢٨٦٥) .
(٥) الجهد: بفتح الجيم، الجوع والمشقة.
(٦) فليس أحد منهم يقبلنا: هذا محمول على أن الذين عرضوا أنفسهم عليهم كانوا مقلّين ليس عندهم شيء يواسون به.
(٧) ما به حاجة إلى هذه الجرعة: هي بضم الجيم وفتحها، حكاهما ابن السكيت وغيره. والفعل منه جرعت.
(٨) وغلت: أي دخلت وتمكنت منه.
(٩) حافلة: الحفل في الأصل الاجتماع. قال في القاموس: الحفل والحفول والحفيل الاجتماع. يقال: حفل الماء واللبن حفلا وحفولا وحفيلا، إذا اجتمع. وكذلك يقال: حفله إذا جمه. ويقال للضرع المملوء باللبن: ضرع حافل وجمعه حفل ويطلق على الحيوان كثير اللبن، حافلة، بالتأنيث.