للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار» ، وفي غيره من الأحاديث الّتي في معناه. وقد اختلف العلماء في قتال الفتنة، فقالت طائفة: لا يقاتل الرّجل في فتن المسلمين، وإن دخلوا عليه بيته، وطلبوا قتله فلا يجوز له المدافعة عن نفسه لأنّ الطّالب متأوّل، وهذا مذهب أبي بكرة الصّحابيّ- رضي الله عنه- وغيره، وقال ابن عمر وعمران بن الحصين- رضي الله عنهم- وغيرهما:

لا يدخل فيها، لكن إن قصد دفع عن نفسه فهذان المذهبان متّفقان على ترك الدّخول في جميع فتن علماء الإسلام وقال معظم الصّحابة والتّابعين وعامّة علماء الإسلام: يجب نصر المحقّ في الفتن، والقيام معه بمقاتلة الباغين، كما قال تعالى: فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي (الحجرات/ ٩) وهذا هو الصّحيح، وتتأوّل الأحاديث على من لم يظهر له المحقّ، أو على طائفتين ظالمتين لا تأويل لواحدة منهما، ولو كان كما قال الأوّلون لظهر الفساد، واستطال أهل البغي والمبطلون) * «١» .

٢٢-* (قال النّوويّ في شرح قوله صلّى الله عليه وسلّم «ما تركت بعدي فتنة أضرّ ... فاتّقوا الدّنيا واتّقوا النّساء» ، ومعناه: تجنّبوا الافتتان بها وبالنّساء، وتدخل في النّساء الزّوجات، لدوام فتنتهنّ، وابتلاء أكثر النّاس بهنّ) * «٢» .

٢٣-* (قال النّوويّ في حديث: «بادروا بالأعمال فتنا..» : معنى الحديث: الحثّ على المبادرة إلى الأعمال الصّالحة قبل تعذّرها، والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشّاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام اللّيل المظلم لا المقمر ووصف صلّى الله عليه وسلّم نوعا من شدائد تلك الفتن، وهو أنّه يمسي مؤمنا ثمّ يصبح كافرا أو عكسه، وهذا لعظم الفتن ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب) * «٣» .

٢٤-* (قال ابن حجر في حديث: «ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرّجال من النّساء» : الفتنة بالنّساء أشدّ من الفتنة بغيرهنّ، ويشهد له قوله تعالى:

زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ (آل عمران/ ١٤) فجعلهنّ من حبّ الشّهوات، وبدأ بهنّ قبل بقيّة الأنواع إشارة إلى أنّهنّ الأضلّ في ذلك، ويقع في المشاهدة حبّ الرّجل ولده من امرأته الّتي هي عنده أكثر من حبّه ولده من غيرها، ومن أمثلة ذلك قصّة النّعمان بن بشير في الهبة، وقد قال بعض الحكماء:

النّساء شرّ كلّهنّ، وأشرّ ما فيهنّ عدم الاستغناء عنهنّ لأنّها ناقصة العقل والدّين تحمل الرّجل على تعاطي ما


(١) شرح النووي على صحيح مسلم (٩/ ٢٣٧) .
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (٩/ ٦٥) .
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم (١/ ٤١٠) .